الحمد لله.
أولا :
يجوز تحويل الأموال عن طريق البنوك ، ولو كانت ربوية ؛ لدعاء الحاجة إلى ذلك ، وعموم البلوى به ، لكن ينبغي المسارعة في أخذ المال حال وصوله ؛ حتى لا يستفيد منه البنك في معاملاته الربوية .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء هل يحل للمسلم أن يتعامل مع البنوك الحالية التي تعطي زيادة على رأس المال أو تزود المقترض ؟
فأجابوا : لا يجوز للشخص أن يودع نقوده عند البنك ، والبنك يعطيه زيادة مضمونة سنويا -مثلا- ولا يجوز أيضا أن يقترض من البنك بشرط أن يدفع له زيادة، في الوقت الذي يتفقان عليه لدفع المال المقترض، كأن يدفع له عند الوفاء زيادة خمسة في المائة، وهاتان الصورتان داخلتان في عموم أدلة تحريم الربا من الكتاب والسنة والإجماع، وهذا واضح بحمد الله.
وأما التعامل مع البنوك بتأمين النقود بدون ربح وبالتحويلات، فأما بالنسبة لتأمين النقود بدون ربح؛ فإن لم يضطر إلى وضعها في البنك فلا يجوز أن يضعها فيه؛ لما في ذلك من إعانة أصحاب البنوك على استعمالها في الربا، وقد قال تعالى: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) سورة المائدة الآية 2 ، وإن دعت إلى ذلك ضرورة فلا نعلم في ذلك بأسا إن شاء الله.
وأما بالنسبة لتحويل النقود من بنك لآخر ولو بمقابل زائد يأخذه البنك المحول فجائز؛ لأن الزيادة التي يأخذها البنك أجرة له مقابل عملية التحويل " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/369)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " إذا دعت الضرورة إلى الحفظ عن طريق البنوك الربوية فلا حرج في ذلك إن شاء الله ؛ لقوله سبحانه : ( وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ) ولا شك أن التحويل عن طريقها من الضرورات العامة في هذا العصر ، وهكذا الإيداع فيها للضرورة بدون اشتراط الفائدة ، فإن دُفعت إليه الفائدة من دون شرط ولا اتفاق, فلا بأس بأخذه لصرفها في المشاريع الخيرية كمساعدة الفقراء والغرماء ونحو ذلك لا ليمتلكها أو ينتفعَ بها ، بل هي في حكم المال الذي يضر تركه للكفار بالمسلمين مع كونه من مكسب غير جائز ، فصرفه فيما ينفع المسلمين أولى من تركه للكفار يستعينون به على ما حرم الله ، فإن أمكن التحويل عن طريق البنوك الإسلامية أو من طرق مباحة لم يجز التحويل عن طريق البنوك الربوية ، وهكذا الإيداع إذا تيسر في بنوك إسلامية أو متاجر إسلامية لم يجز الإيداع في البنوك الربوية لزوال الضرورة ، ولا يجوز للمسلم أن يعامل الكفار ولا غيرهم معاملة ربوية ولو أراد عدم تملك الفائدة الربوية بل أراد صرفها في مشاريع خيرية ؛ لأن التعامل بالربا محرم بالنص والإجماع فلا يجوز فعله ولو قصد عدم الانتفاع بالفائدة لنفسه ، والله ولي التوفيق " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (19/194).
ثانيا :
يجوز إعطاء المال لمن يحمله إلى بلدك مقابل أجرة معلومة ، ولو كانت أكثر من أجرة البنك ، لكن ينبغي التأكد من أن هذا الشخص سيحمل المال بنفسه ، ولا يرسله عن طريق البنك ، حتى لا يضيع مالك من غير فائدة .
وينبغي أيضاً أن تعلم أن المستأجَر لحمل الأموال ، أمين فلا يضمن الأموال التي طُلب منه نقلها إن ضاعت أو سُرِقت إلا إذا حصل منه تقصير في حفظها أو تصرَّف فيها تصرفاً لم يُؤْذَن له فيه .
والله أعلم .
تعليق