الحمد لله.
أولاً :
من أجلّ الطاعات وأنفعها للعبد : الاشتغال بالدعوة ، والتعليم ، ونشر للخير بين الناس ، كما قال الله تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت/ 33 .
قال ابن كثير رحمه الله :
وهذه عامة في كل من دعا إلى خير ، وهو في نفسه مهتدٍ .
" تفسير ابن كثير " ( 7 / 179 ) .
فإقامة هذه الجمعيات وسيلة من الوسائل التي تحقق مقاصد الشريعة الإسلامية ، من رعاية الفقراء ، والمحتاجين ، ودعوة ، وتعليم ، وتحفيظ لكتاب الله ، وما شابه ذلك .
وحتى يتم الأجر والثواب على أكمل وجه - بإذن الله - لا بد أن يكون العمل خالصاً لله ، كما قال الله تعالى : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيماً) النساء/ 114 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسير الآية :
ينبغي للعبد أن يقصد وجه الله تعالى ، ويخلص العمل لله في كل وقت , وفي كل جزء من أجزاء الخير ؛ ليحصل له بذلك الأجر العظيم ، وليتعود الإخلاص ، فيكون من المخلِصين ، وليتم له الأجر .
"تفسير السعدي" (ص 202) .
ومما يعين على الإخلاص ، ويصحح النية : أن تكون الأعمال الخيرية ليست مقصداً لربح مادي ، أو معنوي ، للقائمين عليه ، بل تكون الغاية - أولاً ، وأخيراً - الأجر ، والثواب من الله .
ولعل نجاح كثير من الأعمال الخيرية القائمة الآن ، سببه : البعد عن المقصد المادي ، والربح الدنيوي ، ولعل - كذلك - من أسباب فشل كثير من المشاريع الخيرية : دخول حظ النفس الدنيوي , والذي يترتب عليه فشل المشروع , بل والشحناء ، والبغضاء بين القائمين عليه .
ثانياً:
القائمون على هذه الجمعيات هم أمناء على ما يجمعونه من تبرعات وأموال لهذه الجمعيات ، فلا يجوز لهم التصرف في هذه الأموال إلا فيما حدده المتبرع بهذا المال ، فإذا جعله في الصدقة على الفقراء أو تعليم العلم وجب إنفاقه فيما حدده .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
رجل فقير يأخذ الزكاة من صاحبه الغني بحجة أنه سيوزعها ، ثم يأخذها هو ، فما الحكم في هذا العمل؟
فأجاب :
"هذا محرَّم عليه ، وهو خلاف الأمانة ؛ لأن صاحبه يعطيه على أنه وكيل ، يدفعه لغيره ، وهو يأخذه لنفسه ، وقد ذكر أهل العلم : أن الوكيل لا يجوز أن يتصرف فيما وُكِّل فيه لنفسه ، وعلى هذا : فإن الواجب على هذا الشخص أن يبيِّن لصاحبه : أن ما كان يأخذه من قبْل كان يصرفه لنفسه ، فإن أجازه : فذاك ، وإن لم يُجزْه : فإن عليه الضمان - أي : يضمن ما أخذ لنفسه - ليؤدي به الزكاة عن صاحبه" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ العثيمين" (18/202) .
وانظر جواب السؤال رقم : (49899) .
وعلى هذا ؛ فلا يجوز للقائمين على هذه الجمعية أن يستفيدوا مما يدفعه الناس من صدقات ، وزكوات وتبرعات للجمعية لتحقيق نفع وربح مادي خاصٍّ بهم ، ثم إنهم قد بالغوا في نسبة المشاركة حتى جعلوا حصتهم 80 % فكيف يكون هذا مباحاً ؟ والأموال التي بين أيديهم هي من تبرعات الناس للجمعية الخيرية ، لا لهم .
فالواجب على القائمين على هذه الجمعية أن ينفقوا أموال المتبرعين فيما حدده المتبرعون .
والنصيحة لهم : أن يتعففوا عن هذا المال , وأن يقتصر أخذهم على الحد الأدنى من الحاجات الضرورية من مصاريف لإنجاح هذا العمل الخيري , وأن يُجعل الربح الحاصل في أعمال ومشاريع الجمعية الخيرية .
والله أعلم
تعليق