الحمد لله.
أولا :
روى البخاري (57) ومسلم (56) عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ : ( بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ) .
وروى مسلم (55) عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ) قُلْنَا لِمَنْ ؟ قال : ( لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ) .
قال ابن الأثير رحمه الله :
" نَصيحة عامّة المسلمين : إرشادُهم إلى مصالِحِهم " انتهى من "النهاية" (5 /142) .
وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
" وأما النصيحة للمسلمين : فأن يحب لهم ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه ،
ويشفق عليهم ، ويرحم صغيرهم ، ويوقر كبيرهم ، ويحزن لحزنهم ، ويفرح لفرحهم ، وإن
ضره ذلك في دنياه ، كرخص أسعارهم وإن كان في ذلك فوات ربح ما يبيع في تجارته ،
وكذلك جميع ما يضرهم عامة ، ويحب ما يصلحهم ، وألفتهم ، ودوام النعم عليهم ، ونصرهم
على عدوهم ، ودفع كل أذى ومكروه عنهم . وقال أبو عمرو بن الصلاح : النصيحة كلمة
جامعة تتضمن قيام الناصح للمنصوح له بوجوه الخير إرادة وفعلا " انتهى من "جامع
العلوم والحكم" (ص 80) .
ثانيا :
إذا تبين أن نصيحة المسلم ، ومحبة الخير له ، ودلالته عليه ، هي من الدين الذي أمر
الله به عباده ، فإرشاد الخاطب إلى أمر يعنيه ، ويتعلق به مقاصد النكاح ، فيمن طلب
خطبتها ، هو من النصيحة الواجبة .
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" يَجِبُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ عَلِمَ بِالسِّلْعَةِ عَيْبًا أَنْ يُخْبِرَ بِهِ
مُرِيدَ أَخْذِهَا وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهَا ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا
رَأَى إنْسَانًا يَخْطبُ امْرَأَةً وَيَعْلَمُ بِهَا أَوْ بِهِ عَيْبًا ، أَوْ
رَأَى إنْسَانًا يُرِيدُ أَنْ يُخَالِطَ آخَرَ لِمُعَامَلَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ
قِرَاءَةِ نَحْوِ عِلْمٍ وَعَلِمَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا أَنْ يُخْبِرَ بِهِ وَإِنْ
لَمْ يُسْتَشَرْ بِهِ ، كُلُّ ذَلِكَ أَدَاءٌ لِلنَّصِيحَةِ الْمُتَأَكِّدِ
وُجُوبُهَا لِخَاصَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ " انتهى من "الزواجر عن
اقتراف الكبائر" (2 /127) .
وعلى ذلك : فالواجب على من يعرف عن فتاة تقدم لخطبتها أخوه المسلم أنها مصابة بمرض
الإيدز – والخاطب لا يعلم - أن يخبره بما يعرف عنها ، وخاصة إذا كانت تريد أن تخفي
ذلك عنه ؛ لما في ذلك من عظيم الضرر عليه في نفسه ، وفي عيشه معها ، ولكن بشروط :
أولا : أن يكون النصح لله ، لإزالة الضر عن المسلم ، لا للتشهير .
ثانيا : أن يكون النصح بمقتضى الحال وبقدر الحاجة ، فلا يفضح ولا يذيع ، ولكن ينصح
في ستر ، بقدر ما تحصل به النصيحة ، ويجلّى به الحال ، ويزال به الضرر.
ثالثا : أن يكون على علم بهذا الأمر ، وليس مجرد ظنون ، أو متابعة لقول قيل ، من
غير أن يكون قد تحقق منه .
والله أعلم .
تعليق