الحمد لله.
أختي الكريمة أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل .. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي :-
أولاً: إعمال الفكر في أمورنا الحياتية وشؤوننا الخاصة والعامة مطلب ضروري وهام لكي نتعامل معها كما يجب ونستفيد منها أيضاً كما يجب !! وقد حث القرآن الكريم – وهو كلام الله تعالى – على إعمال الفكر في أكثر من آية ( ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً ..) ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) ( أفلا تتفكرون ) ( أفلا تعقلون ) وغيرها من الآيات التي تحثنا على إعمال الفكر في أمورنا وشؤوننا .. بل والحياة والخلق حولنا .
إذاًَ فالتفكير بحد ذاته لا يمثل مشكلة .. بل هو مطلب هام وضروري .. يأمرنا به ديننا ويحثنا عليه قرآننا .
ثانياً : قد يتحول هذا الأمر " التفكير" إلى مشكلة نفسية أو اجتماعية .. إذا أصبح عائقاً للإنسان عن تأدية دوره الطبيعي والمأمول منه في الحياة ..!
كأن يحمل الأمور أكثر مما تحتمل .. ويشغل نفسه في التفكير في أمور لا يقدم فيها كثرة التفكير ولا يؤخر !! بل يصبح لصاحبه هماً مزعجاً ومعيقاً له عن التقدم والإبداع والمبادرة !!! ودافعاً له للتردد والحيرة .. والفشل في اتخاذ أي قرار !!!
وقد يصبح التفكير مشكلة شرعية إذا تجاوز فيها الإنسان حدود قدراته العقلية والاستيعابية في التفكير فيما وراء الغيب .. مما لا يمكنه الإحاطة به .. بل ويفتح من خلاله للشيطان الرجيم أبواباً كثيرة للتأثير عليه .
ثالثاً : أما ما يتعلق بتفكير كما الكثير في كل شيء .. وحملكما هماً لكل مشكلة .. فهو إلى حدٍ ما شيء طبيعي .. بشرط ألا يعيقكما عن ممارسة حياتكما بشكل طبيعي .. وأعني هنا .. هل هذا التفكير يقودكما إلى إيجاد حلول لهذه المشكلات التي تواجهكما ..؟! وهل تستحق هذه المواقف الحياتية كل ما تقتطعونه لها من وقت للتفكير ..؟! إذا كانت الإجابة بنعم .. فلا توجد هناك أي مشكلة ..! وإن كانت الإجابة بـ لا .. فقد قطعتما بإدراككما أنها لا تستحق نصف الطريق للعلاج .. وهو تشخيص المشكلة والإقرار بها ..!! لأننا متى ما عرفنا نوع المشكلة سهل علينا إيجاد الطريقة المناسبة للتعامل معها .
رابعاً : التغلب على هذه المشكلة يحتاج إلى بعض التدريب .. وبعض الوقت .. وأنتما تملكان القرار للبدء .. وتملكان – بعون الله وتوفيقه – القدرة على ذلك .. ويجب أن تثقا بأنفسكما في هذا الجانب !
خامساً : أقترح عليكما .. أن تقسما مشاغلكما ومشاكلكما إلى ثلاثة مستويات :-
• المستوى الأول : مشاغل أو مشاكل تؤثر تأثيراً مباشراً على حياتكما الزوجية والاجتماعية بشكل كبير قد يؤدي إلى القطيعة .. فهذه يجب إعطاءها حقها من التفكير الموضوعي .. وحسمها والتفاهم حولها .. وعدم تركها لتتراكم مع الوقت حتى يصعب التعامل معها .
• المستوى الثاني : مشاغل أو مشاكل تتساوى فيها الإيجابيات والسلبيات .. وأنتما في النهاية طرف فيها .. فهذه استخيرا الله فيها ولا بأس من التشاور حولها .. ومقارنة البدائل ثم اتخاذ ما ترونه حيالها .. مراعين في ذلك المسائل الشرعية والعرفية .. دون مبالغة في التحري والاهتمام .
• المستوى الثالث : مشاغل أو مشاكل لا تعنيكما بأي حال لأنها تتعلق بالآخرين .. وهذه من الأولى عدم الخوض فيها وإشغال النفس واستهلاك الوقت حولها .. لأنها ببساطة لا تعنيكما ..!! ولن يقدم فيها رأيكما أو يؤخر .
سادساً : أمورنا وقضايانا الحياتية لا تخرج عن ثلاثة أقسام :-
• أمور قد مضت وانقضت .. وهذه يجب ألا ننشغل فيها كثيراً .. إلا بالقدر الذي يجعلنا نستفيد منها من أخطاءنا وتجاربنا للمستقبل .. فالماضي لا يعود ولا داعي للانشغال بأمور قد ذهبت .
• أمور مستقبلية .. وهذه من الأولى ألا ننشغل فيها كثيراً قبل أوانها .. لأن المستقبل في علم الغيب .. وكل ما علينا هنا هو أن نضع مجموعة من الخيارات لهذا الأمر .. وعندما يحين أوانه .. نتكل على الله ونتخذ القرار.
• أمور حالية نعيشها .. وهذه هي التي نحاول أن نوازن فيها بين جميع البدائل المتاحة .. ولا بأس من التشاور حولها .. وتبادل الرأي دون مبالغة أو قلق كبير .. ففي النهاية ستسير الأمور كما نتمنى بإذن الله .. وما دمنا فعلنا الأسباب من استخارة واستشارة فإن الخيرة فيما اختاره الله .
سابعاً : تعويد النفس على هذا الأمر يحتاج إلى تدريب ويمكن أن تتفقي أنت وزوجك على أن تتعاونا في هذا الأمر ويذكر بعضكما بعض عندما يسرف على نفسه في الاهتمام بأي موضوع أكثر من اللازم وشيئاً فشيئاً ستجدان أنفسكما وقد أصبحتم تتعاملون مع الأمور الحياتية بموضوعية كبيرة .
ثامناً : هناك كتاب جميل في موضوع القلق .. وبه طرق عملية جيدة للتعامل مع هذا الموضوع أنصحكم بقراءته وهو كتاب (دع القلق وابدأ الحياة )لمؤلفه " ديل كارنجي" .
تاسعاً : وقبل هذا وبعده إحضار النية والدعاء الصادق بأن يوفقكم الله ويعينكم ويسدد خطاكم .
تعليق