الحمد لله.
أولا :
الأصل في كلمة ( المهتدي ) إثبات الياء ، ويجوز حذفها تخفيفا ، ويستعاض عنها بالكسرة .
قال الله تعالى في سورة الأعراف : (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي) الأعراف/ 178.
وقال في سورة الإسراء : ( وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) الإسراء 97 .
وقال في سورة الكهف : ( مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) الكهف/ 17 .
قال ابن زمنين رحمه الله في تفسيره (1/381) : " (المهتد) وقعت في المصحف في هذا الموضع - أي في سورة الكهف - بغير ياء، ووقعت في الأعراف بالياء ، وحذف الياء جائز في الأسماء ، ولا يجوز في الأفعال " انتهى .
وعلى كل حال : فالوجه في التسمية أن تثبت فيها الياء "مهتدي" ، وهي مذكورة كذلك ، وبنفس المعنى في آيات أخرى ، سوى التي ذكرت .
ثانيا :
يكره التسمي بما فيه معنى تزكية النفس ، ؛ لما روى البخاري (192) ، ومسلم (2141)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : " أَنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ ،
فَقِيلَ : تُزَكِّي نَفْسَهَا ، فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ ".
ينظر جواب السؤال رقم : (117474)
، (141081) .
ثالثا :
اسم " مهتدي " لا حرج فيه إذا لم يلاحظ فيه معنى التزكية ، وهو في معنى " راشد " و
" صالح" ونحو ذلك من الأسماء ، ولا حرج في التسمية بهذه الأسماء إذا لم يقصد بها
تزكية المسمى .
أما إذا لوحظ بهذه الأسماء ونحوها التزكية فإنه يكره التسمي بها .
روى الترمذي (1616) وصححه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْجِبُهُ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ أَنْ يَسْمَعَ: يَا رَاشِدُ، يَا نَجِيحُ ) وصححه الألباني في " صحيح الجامع " برقم (4978) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
" الأسماء التي تدل على التزكية : تارة يتسمى بها الإنسان لمجرد كونها علَما : فهذه
لا بأس بها، وتارة يتسمى بها مراعيا المعنى الذي تدل عليه ، فهذا يؤمر بتغيير الاسم
، فمثل (ناصر) أكثر الذين يسمون (ناصر) لا يريدون أنه ينصر الناس أبدا إنما يريدون
أن تكون علما محضا فقط ، والذي يسمى (خالد) هل يريد أن ولده يخلد إلى يوم القيامة ؟
لا ، والذي يسمى (صالح) هل أراد أنه سمي صالحا لصلاحه .
لكن إذا لوحظ في ذلك معنى التزكية فإنه يغير ولهذا غير النبي - صلى الله عليه وسلم
- اسم برة إلى زينب ، وامرأة اسمها برة غيرها إلى جويرية ، فهذا هو الميزان: إذا
لوحظ فيه معنى التزكية يغير، وإذا لم يلاحظ فيه معنى التزكية فإنه لا يغير " انتهى
من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (25/ 280-281) .
وعلى كل حال : فالذي ننصحك
به أن تتخيري من الأسماء الحسنة ما هو مناسب ، وملائم ، ومقبول في بيئتك ، ومعناه
الحسن واضح في لغتك ، ولا نفضل التسمية باسم مهتدي : لغرابته أولا ، سواء في بيئتك
أو غيرها ، فقل في الناس من يتسمى بهذا ، ولا ينبغي للمرء أن يتعمد الإغراب في
الأسماء التي يختارها لأبنائه ؛ ثم ينبغي عليه أيضا أن يختار ما لا إشكال فيه ، ولا
يحتمل دخوله تحت نهي أو كراهة شرعية ، كالتزكية ونحو ذلك ؛ فالأصل الشرعي العام :
دع ما يريبك إلى ما لا يريبك .
ينظر جواب السؤال رقم : (7180)
لمعرفة الآداب التي ينبغي مراعاتها عند تسمية الأبناء .
والله تعالى أعلم .
تعليق