الحمد لله.
أولا :
تقدم في جواب السؤال رقم : (129214) أن كل مسلم يُقْتَل ظلماً فله أجر الشهادة في الآخرة .
لكن في انطباق ذلك الحكم على الحالة محل السؤال نظرا ؛ فإن المقتول ظلما الذي له أجر الشهادة : إنما هو الذي تمحضت مظلمته ، فقتل بها ، وهذا كقتيل اللصوص ، والبغاة ، وقطَّاع الطرق ، أو مَن قُتل مدافعاً عن نفسه ، أو ماله ، أو دمه ، أو دِينه ، أو أهله ، ونحو هؤلاء كما هو مبين في جواب السؤال المحال إليه.
وأما هؤلاء القتلى الثلاثة - حسب ما وصف السائل - : فقد اجتمع فيهم وصفان : الأول : أنهم مقتولون ظلما ، قتلهم من لا يحل له قتلهم ، ولم يتحقق منهم فعل يستحق أن يقتلهم عليه أحد ؛ لا الإمام ولا غيره ؛ فإن مجرد الرغبة في المعصية : لا يترتب عليها حد ولا تعزير ؛ بل غاية ما هنالك أن يمنعهم الحاكم المسلم من ذلك ، وغاية ما يكون لهذا الشخص القاتل هنا : أن يعطيهم حقهم ، ويمكنهم منه ؛ فإذا علم رغبتهم في زراعة المحرم فيه ـ الحشيش ـ : سعى في منعهم من ذلك ، بما يمكنه ، واستعدى عليهم الحاكم ليمنعهم منه .
وأما الوصف الثاني : فقد رغبوا في المحرم ، وسعوا في أخذ أرضهم لعمل المحرم فيه ، ومثل هؤلاء لا ينبغي أن يمكنوا من أرضهم أو مالهم ، لسفههم ، بل يمنعون من التصرف المحرم فيه .
والحاصل من ذلك :
أن أمر الفصل في هذه القضية في الدنيا : يرجع إلى المحكمة الشرعية .
وأما في الآخرة : فأمرهم إلى الله ، ولعل الله أن يكفر عنهم نيتهم الفاسدة ، بما نالهم من القتل الذي لا يستحقونه ، ولم يفعلوا ما يوجبه .
والمشروع : هو الدعاء ، ورجاء الخير والمغفرة لهم .
وقد روى البخاري (2449) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ) .
تنبيه :
لا يجوز أن يقال : " شاءت الأقدار " ؛ إذ ليس للأقدار مشيئة ، إنما المشيئة لله ، وهو مقدر الأقدار ، ومدبر الأمر سبحانه ، فإما أن يقال : قدّر الله كذا ، أو يقال : اقتضت مشيئة الله كذا .
راجع جواب السؤال رقم : (8621) .
والله تعالى أعلم .
تعليق