الحمد لله.
إذا أصابت النجاسة الفرش الكبيرة كالسجاد ونحوه : فإن تطهيرها يكون بصب الماء على الموضع النجس حتى يغلب الماء ما وقع من النجاسة ؛ ثم يقوم بشفط الماء المتنجس بالإسفنجة أو بغيرها من الآلات ، فإن زالت النجاسة بذلك ، ولم يبق لها أثر : فهذا هو المطلوب ، وإن لم تذهب أعاد غسلها مرة ثانية وثالثة حتى يغلب على ظنه زوالها.
ولا يضر بقاء لون النجاسة في الفرش أو الثياب ، ما دام قد زال عينها ؛ ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في دم الحيض يصيب الثوب : : ( يَكْفِيكِ الْمَاءُ وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ ) رواه الإمام أحمد (8412) وصححه الشيخ الألباني .
قال النووي رحمه الله : " واعلم أن الواجب في إزالة النجاسة الإنقاء فإن كانت النجاسة حكمية ، وهي التي لا تشاهد بالعين كالبول ونحوه ، وجب غسلها مرة ولا تجب الزيادة ، ولكن يستحب الغسل ثانية وثالثة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا )..
وأما إذا كانت النجاسة عينية ، كالدم وغيره : فلا بد من إزالة عينها ، ويستحب غسلها بعد زوال العين ثانية وثالثة " انتهى من " شرح مسلم " .
وسئل علماء " اللجنة الدائمة " (5/364) : " استعمل كثير من الناس الكماليات في فرش حجر المنزل ، فهل إذا بال الطفل مثلا على الفرشة ، على مختلف سنه ، يكفي صب الماء وتطهر من النجاسة ، نظرا إلى أن الفرشة قد تكون كبيرة ، وقد تكون لاصقة بالأرض ، أو تكون مثبتا عليها دواليب كبيرة وسرر أو لا ؟
فأجابوا : إذا كان من بال على هذه الفرشة ونحوها غلامًا لم يأكل الطعام : كفى في تطهيرها رش الماء عليها حتى يعم موضع النجاسة منها، ولا يجب عصرها ولا غسلها .
وإن كان قد أكل الطعام ، أو كان جارية سواء أكلت الطعام أم لا : فلا بد لتطهيرها من الغسل، ويكفي صب الماء على موضع النجاسة، ولا يجب نزع الفرشة ولا عصرها كالنجاسة على الأرض ؛ لما ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه : " أن أعرابيا بال في المسجد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصب على بوله دلو من الماء " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : ما صفة تطهير الفرش الكبيرة من النجاسة ؟ وهل العصر في الغسل للنجاسة معتبر بعد إزالة عينها ؟
فأجاب: " صفة غسل الفرش الكبيرة من النجاسة : أن يزيل عين النجاسة أولاً إذا كانت ذات جرم ، فإن كانت جامدة أخذها ، وإن كانت سائلة كالبول نشفه بإسفنج حتى ينتزعه ، ثم بعد ذلك يصب الماء عليه حتى يظن أنه زال أثره ، أو زالت النجاسة ، وذلك يحصل في مثل البول بمرتين أو ثلاث ، وأما العصر فإنه ليس بواجب ، إلا إذا كان يتوقف عليه زوال النجاسة ، مثل أن تكون النجاسة قد دخلت في داخل هذا المغسول ، ولا يمكن أن ينظف داخله إلا بالعصر فإنه لابد أن يعصر " انتهى من فتاوى " نور على الدرب " .
وأما إذا كانت النجاسة الواقعة على الفرش والسجاد نجاسة كلب ، فالواجب غسلها سبع مرات ، وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (41090).
ثانيًا:
إذا جفت النجاسة بحيث لم يظهر لها أثر من لون أو طعم أو رائحة ، ففي المسألة خلاف بين العلماء ، والراجح أن الماء لا يتعين في إزالة النجاسة ، بل متى زال وصفها : زال حكمها ، سواء بالماء أو بغيره من المائعات ، أو بطول مكثه وتعرضه للهواء والشمس والرياح .
سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : " أن الأرض تطهر من نجاسة البول إذا جفت بتأثير الشمس ، فهل لابد من تأثير الشمس ، أم مجرد الجفاف ؟ وهل حكم الفرش داخل البيت كذلك ، سواء التصقت بالأرض أم لا ؟
فأجاب: ليس المراد بكون الأرض تطهر بالشمس والريح : مجرد الجفاف ؛ بل لابد من زوال الأثر حتى لا يبقى صورة البول أو الشيء النجس .
وعلى هذا فنقول : إذا حصل بول في أرض ، ويبس ، ولكن صورة البول لازلت موجودة ، يعني أثر البقعة ، فإنها لا تطهر بذلك .
لكن لو مضى عليها مدة ، ثم زال أثرها : فإنها تطهر بهذا ؛ لأن النجاسة عين يجب التخلي منها ، والتنزه منها ؛ فإذا زالت هذه العين بأي مزيل : فإنها تكون طاهرة .
وأما الفرش .. التي تفرش بها الأرض ، سواء كانت لاصقة بالأرض ، أم منفصلة : لابد أن تغسل ، وغسلها بأن يصب عليها الماء ، ثم ينشف بالإسفنج ، ثم يصب مرة ثانية وثالثة ، حتى يغلب على الظن أنه زال أثر النجاسة. " انتهى من فتاوى " نور على الدرب " .
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (145695).
ثالثًا:
لا يجوز للجنب أن يقرأ شيئا من القرآن لا من المصحف ولا من حفظه ، حتى يرفع حدثه.
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (10984).
مع أنه ينبغي الانتباه إلى أن المسلم إذا أجنب ، لا يقال هو نجس ، بل هو طاهر ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ) البخاري (275) ، ومسلم (271).
وأما إذا كان على بدنه شيء من النجاسة ؛ فإن ذلك لا ينقض الوضوء ، ولا يمنعه من قراءة شيء من القرآن .
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم: (10672).
والله أعلم
تعليق