الجمعة 7 جمادى الأولى 1446 - 8 نوفمبر 2024
العربية

السعة في فدية صيام الشيخ الفاني أول الشهر أو آخره أو بعده

231840

تاريخ النشر : 01-03-2017

المشاهدات : 62769

السؤال


جدتي لا تستطيع الصوم ؛ لأنها مريضة بالسكري ، وغيره من أمراض العجز. والسؤال: كل بلدنا على مذهب السادة الحنفية ، فهل يجوز دفع فدية الصيام بعد انتهاء رمضان؟

الجواب

الحمد لله.


أولا:
اختلف العلماء في حكم تعجيل فدية الشيخ الفاني العاجز عن الصوم من أول الشهر أو وسطه، وإخراجها عن ما تبقى من الشهر كله ، وذلك على قولين:
القول الأول:
جواز التعجيل مطلقا في أول الشهر الفضيل ، وليس قبله ، وهو مذهب الحنفية
يقول ابن عابدين رحمه الله:
"للشيخ الفاني العاجز عن الصوم الفطر، ويفدي وجوباً، ولو في أول الشهر، أي يخير بين دفعها في أوله وآخره" انتهى من وفي "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (2/ 427) .

القول الثاني:
لا يجوز تعجيل فدية يومين فأكثر، ويجوز تعجيل فدية يوم واحد فقط. وهو مذهب الشافعية.
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله:
"وليس لهم ، ولا للحامل ، ولا للمرضع : تعجيل فدية يومين فأكثر، كما لا يجوز تعجيل الزكاة لعامين ، بخلاف ما لو عجل مَن ذُكر فديةَ يوم فيه، أو في ليلته ؛ فإنه جائز" .
انتهى من "مغني المحتاج" (2/ 176) . .
وينظر : "أسنى المطالب" (1/ 430) .
وأقرب القولين في ذلك : هو القول الأول، الذي يجيز إخراج الفدية من أول شهر رمضان، فالفدية بدل مخفّف يجب على الكبير والمريض المزمن ، والمناسب في البدل هو التخفيف والتيسير ، وليس التقييد والتشديد.
يقول الشيخ ابن باز رحمه الله:
"وهذه الكفارة يجوز دفعها لواحد أو أكثر، في أول الشهر، أو وسطه، أو آخره" .
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز"(15/203).
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
"يجوز دفع الصدقة عن الأيام من رمضان أو عن الأيام كلها لمن لا يستطيع الصيام لزمانة أو هرم ، فإنه يجوز أن يدفع كفارة الأيام مقدمًا في أول الشهر ، ويجوز أن يؤخرها في آخر الشهر، ويجوز في وسط الشهر ، كما أنه يجوز أن يدفعها جملة واحدة ، ويجوز أن يدفعها متفرقة" انتهى.

ثانيا:
اختلف الفقهاء في آخر وقت تدفع فيه فدية الهرم الكبير العاجز عن الصيام ، وذلك على قولين:
القول الأول:
الوقت على التراخي ، ولا يُحد بآخر شهر رمضان ، ولا حرج أن يخرج الفدية الواجبة عليه بعد شهر رمضان الفضيل .
وذلك لقول الله عز وجل: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) البقرة/184. ولم يذكر وقتا محددا. فثبتت الفدية في الذمة واجبا متراخيا على السعة. لو أداه فيما يتطاول من السنين بعد ذلك : فلا حرج عليه.
وهو ما نص عليه فقهاء الحنفية والشافعية.
يقول الإمام الكاساني رحمه الله:
"الكفارات كلها واجبة على التراخي ، هو الصحيح من مذهب أصحابنا في الأمر المطلق عن الوقت ، حتى لا يأثم بالتأخير عن أول أوقات الإمكان ، ويكون مؤديا لا قاضيا.
ومعنى : (الوجوب على التراخي) : هو أن يجب في جزء من عمره ، غير معين، وإنما يتعين بتعيينه فعلا، أو في آخر عمره؛ بأن أخره إلى وقت يغلب على ظنه أنه لو لم يؤد فيه لفات . فإذا أدى ، فقد أدى الواجب، وإن لم يؤد حتى مات : أثم لتضيُّق الوجوب عليه في آخر العمر" انتهى من "بدائع الصنائع " (5/ 96) .
وقد ذكر أنواعا من الفدية في أمثلة هذه القاعدة.
ويقول العلامة زكريا الأنصاري رحمه الله:
"لا شيء على الهرم لتأخير الفدية ، إن أخر الفدية عن السنة الأولى" . انتهى من "أسنى المطالب"(1/ 430) .
ويقول الخطيب الشربيني رحمه الله:
"لا شيء على الهرم، ولا الزمن ، ولا مَن اشتدت مشقة الصوم عليه لتأخير الفدية إذا أخروها عن السنة الأولى" انتهى من "مغني المحتاج " (2/ 176).
ويقول الشهاب الرملي رحمه الله :
"يتخير في إخراجها بين تأخيرها، وبين إخراج فدية كل يوم فيه، أو بعد فراغه" .
انتهى من "فتاوى الرملي" (2/ 74)
ويقول الزركشي رحمه الله:
"الفدية ، حيث وجبت : فهي على التراخي" انتهى من " المنثور في القواعد الفقهية" (3/ 22).

القول الثاني:
أن الفدية واجب فوري، لا يجوز تأخيره. وهو مذهب الحنابلة .
يقول ابن مفلح رحمه الله:
" ظاهر كلامهم إخراج : الإطعام على الفور، لوجوبه، وهذا أقيس" انتهى من "الفروع" (4/448) .
وعلق عليه المرداوي بقوله:
"قد تقدم أن المنصوص عن الإمام أحمد : لزوم إخراج النذر المطلق ، والكفارة : على الفور، وهذا كفارة" انتهى من "الإنصاف" (3/291).
والأظهر في ذلك ، إن شاء الله : هو القول الأول؛ لما تدل عليه ظاهر الآية الكريمة، والتحديد بوقت لا بد له من دليل، ولا دليل هنا على التقييد.
وبهذا يظهر أن مذهب الحنفية في هذا الباب هو الأقرب في كلتا المسألتين، وهو التوسع في دفع الفدية، سواء أول الشهر، أو آخره، أو بعده .
ولا حرج على جدتك في تقليده والأخذ به على كل الأحوال.
وقد عرضت هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى ، فأفاد :
" يجوز تأخير الفدية عن شهر رمضان، والأحوط أن يجعلها في آخر الشهر". انتهى
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الاسلام سؤال وجواب