الثلاثاء 11 جمادى الأولى 1446 - 12 نوفمبر 2024
العربية

حكم خلع سن سليمة لتركيب طقم الأسنان

257494

تاريخ النشر : 20-04-2017

المشاهدات : 20229

السؤال

عندي سؤال في عمل التركيبات المتحركة وأطقم الأسنان الصناعية لكبار السن وللذين تكرست أسنانهم الحقيقية وعلمت و لله الحمد أنها من الصنف الجائز لأنه رد لخلق الله تعالى حتى ولو كان سنا واحدا ولكن أحيانا عند تصميم الطقم الصناعي لشخص لديه عدد قليل من الأسنان في فكه والبقية فارغة نحتاج إلى خلع بعض من هذه الأسنان السليمة "اثنين أو ثلاثة " وهذا لأـنها قد تكون مائلة عن وضعها الطبيعي أو لا تتحمل الضغط الواقع عليها من الطقم أو تعيق حركة الطقم الصناعي المتحرك من إدخال وإخراج ، مما يسبب مشاكل للمريض على المدى الطويل غالبا "لا" تؤدي للوفاة ، وأحيانا إذا كان هناك سن واحد أو اثنين في الفك قد نخلعهما ونركب طقما صناعيا كاملا ، لتجنب المشاكل ، هل خلع مثل هذه الأسنان جائز أم إنه أزالة عضو من الجسم بغير ضرورة ؟و هل الضرورة هنا تعنى شيئا آخر غير الهلاك أو وفاة المريض ؟ ، علما بأن بنيتها تكون سليمة أحيانا . وجزاكم الله خير جزاء .

الجواب

الحمد لله.

أولا :

لا حرج في تركيب الأسنان الصناعية لمن احتاج إليها لتلف أسنانه أو تكسرها؛ لظهور الحاجة إلى مثل ذلك ، بل ربما الضرورة إليه ، ولأن ذلك من باب التداوي ، وإزالة العيب الحادث ، لا من باب التجميل وزيادة الحسن.

قال العمراني ، رحمه الله في "البيان" (2/93) :

" إذا انكسر عظمه وبان، أو سقطت سنه، فأراد أن يبدل مكانها عظمًا آخر :

فإن كان عظمًا طاهرًا، كعظم الحيوان المأكول بعد الذكاة .. : جاز .

وإن كان عظمًا نجسًا، كعظم الميتة - إذا قلنا: تحله الروح - أو عظم الكلب والخنزير .. : لم يجز . فإن فعل ذلك، فإن لم يلتحم عليه اللحم. . لزمه قلعه بلا خلاف. " انتهى .

وقال الكاساني رحمه الله :

" وَلَوْ سَقَطَ سِنُّهُ : يُكْرَهُ أَنْ يَأْخُذَ سِنَّ مَيِّتٍ فَيَشُدُّهَا مَكَانَ الْأُولَى، بِالْإِجْمَاعِ .

وَكَذَا يُكْرَهُ أَنْ يُعِيدَ تِلْكَ السِّنَّ السَّاقِطَةَ مَكَانَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ . وَلَكِنْ يَأْخُذُ سِنَّ شَاةٍ ذَكِيَّةٍ فَيَشُدُّهَا مَكَانَهَا .

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا بَأْسَ بِسِنِّهِ ، وَيُكْرَهُ سِنُّ غَيْرِهِ ... " انتهى، من "بدائع الصنائع" (5/132-133) .

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (25/ 56): " س: ابتليت منذ صغري بداء تسوس الأسنان، ووالداي لم يحرصا على علاجي، واستفحل ذلك الداء مع تقدم سني حتى أصبحت اليوم أفقد معظم أضراسي، وبعض أسناني، فتعسر علي الهضم، وسبب لي ذلك حرجا كبيرا حتى في التحدث مع إخواني، وإني أفكر في الاتصال بطبيب أخصائي لكي يركب لي طقم أسنان صناعي، لكن قبل قيامي بهذا العمل أريد معرفة حكمه الشرعي. أفتوني جزاكم الله خيرا.

ج: لا بأس بأن تعالج أسنانك لدى طبيب مختص بإزالة التشويه عنها، واستبدال ما تعيب منها بأسنان صناعية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء. أو قال: دواء إلا داء واحدا. قالوا: يا رسول الله، وما هو؟ قال: الهرم . قال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن مسعود، وأبي هريرة، وأبي خزامة عن أبيه، وابن عباس، وهذا حديث حسن صحيح" انتهى .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الشيخ بكر أبو زيد ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ .

وينظر للفائدة : "أحكام الجراحة التجميلية" ، د. صالح بن محمد الفوزان، (462) وما بعدها .

ثانيا :

الأصل أنه لا يجوز قلع السن الصحيحة، ولا إزالة أي عضو سليم من البدن.

قال في منح الجليل (7/ 494): " فلو استؤجر على قلع سن صحيحة أو قطع يد صحيحة لم تجز. ولو كانت اليد متأكلة والسن متوجعة: جازت .

ابن وهب وأشهب : مَن ذهب بعض كفه، فخاف على باقي يده: فلا بأس أن تقطع يده من المفصل، إن لم يخف موته .

ابن رشد: إن كان خوف موته من بقاء يده، أشد من خوف موته لقطعها: فله قطعها .

عياض: يأتي على ما أدخله الطبري في النهي من خلق له إصبع أو يد زائدة أنه لا يجوز له قطعها ولا نزعها لأنه تغيير لخلق الله تعالى، إلا أن يكون هذا الزائد يؤذيه ويؤلمه، من إصبع أو ضرس فلا بأس بنزعه على كل حال" انتهى.

وقال في مغني المحتاج (3/ 484): "( فلا يصح استئجار لقلع سن صحيحة ) لحرمة قلعها ، وفي  معناها كل عضو سليم من آدمي أو غيره في غير قصاص . أما العليلة فيصح الاستئجار لقلعها إن صعب الألم ، وقال أهل الخبرة : إن قلعها يزيل الألم . وأما المستحق قلعها في قصاص فيجوز الاستئجار له ; لأن الاستئجار في القصاص واستيفاء الحدود جائز...

ولو كان السن صحيحا ولكن انصب تحته مادة من نزلة ونحوها ، وقال أهل الخبرة : لا تزول المادة إلا بقلعها فالأشبه كما قال الأذرعي جواز القلع للضرورة" انتهى.

وقال في مطالب أولي النهى (3/ 604): " لا تصح الإجارة ( لقلع سن سليمة ) ، أو قطع عضو سليم ; لما في ذلك من الضرر" انتهى.

فإن كانت أكثر الأسنان معيبة واحتاج المريض إلى تركيب طقم، وكانت مصلحة تركيب الطقم الكامل، أكبر من مصلحة بقاء السن السليمة مع طقم ناقص، أو كان بقاء السن السليمة يؤذي المريض : جاز خلع السن السليمة حينئذ، تحقيقا للمصلحة الظاهرة.

وينبغي أن يعلم أن قلع السن لا يتوقف على الضرورة، بل يباح للحاجة والمصلحة، ومن ذلك إزالة الألم.

قال ابن القيم رحمه الله في مناقشة من أوجب الختان: " قوله: لو لم يكن واجبا لما جاز للخاتن الإقدام عليه إلى آخره = يُنتقض بإقدامه على قطع السلعة، والعضو التالف، وقلع السن، وقطع العروق، وشق الجلد للحجامة والتشريط ؛ فيجوز الإقدام على ما يباح للرجل قطعه، فضلا عما يستحب له ويسن، وفيه مصلحة ظاهرة" انتهى من تحفة المودود، ص173

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (98519) ورقم (82647).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب