الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

دلّ سمسارا على زبون فهل يستحق عمولة كلما جرت معاملة بين السمسار والزبون؟

السؤال

أعمل وسيطا عقاريا ، ولدي زبائني الخاصة ، واضطر للتعامل مع وسطاء لشراء عقار لزبائني من طريقهم ، فيقع بين زبوني الخاص والوسيط الذي ساعدني في البيعة علاقة ، ثم يتبعها تواصل ، وأعمال تجارية عقارية دون علمي بقصد أو بغير بقصد منهما . فهل يحق لي المشاركة في العمولة على ما قاما به من أعمال تجارية عقارية ؛ بسبب أن الزبون هو زبوني في الأصل ؟ وهل يجوز لي المطالبة بالعمولة سواء إشترطت على الوسيط أو لم أشترط بأن زبوني الذي عرفته عليه إذا عاد له في المستقبل في أي عملية بيع أو شراء عقار أن لي حصة من العمولة ؟

الجواب

الحمد لله.

العمل في الوساطة التجارية، وهو ما يسمى بالسمسرة أو السعي، جائز من حيث الأصل، وهو من باب الجعالة الجائزة، قال البخاري في صحيحه: "باب أجرة السمسرة: ولم ير ابن سيرين، وعطاء، وإبراهيم، والحسن بأجر السمسار بأساً" انتهى.

ولا يستحق أجرة السعي إلا من قام بالعمل والسعي؛ لأن الجعل لا يستحقه إلا من قام بالعمل المجاعَل عليه.

جاء في الروض المربع، ص446: " (فمن فعله بعد علمه بقوله) أي: بقول صاحب العمل: من فعل كذا فله كذا، (استحقه) ؛ لأن العقد استقر بتمام العمل. (والجماعة) إذا عملوه (يقتسمونه) بالسوية؛ لأنهم اشتركوا في العمل الذي يستحق به العوض، فاشتركوا فيه" انتهى.

وعليه : فإذا حصلت علاقة بين زبونك الخاص والوسيط الذي ساعدك في البيعة،  وتبعها تواصل وأعمال تجارية عقارية، فإنك لا تستحق من ذلك شيئا، لا بالشرط ولا بدونه، فإن شرطت ذلك كان شرطا باطلا؛ لأنك إنما تستحق المال على عمل، ولم تعمل شيئا فيما تلا الدلالة الأولى.

فمتى اشترطت ذلك كان باطلا؛ لأنه شرط ليس في كتاب الله، أي مخالف للشرع، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ) رواه البخاري (2168) ومسلم (1504).

فلك أن تأخذ عمولة على الدلالة الأولى، أي دلالة الوسيط على الزبون، وأما ما تلا ذلك من معاملات بينهما لم يكن لك فيها عمل، فبأي شيء تستحق المال؟!

جاء في الموسوعة الفقهية (26/ 60): " استحقاق الربح:

لا يُستحق الربح إلا بالمال أو العمل أو الضمان؛ فهو يُستحق بالمال، لأنه نماؤه فيكون لمالكه. ومن هنا استحقه رب المال في ربح المضاربة.

وهو يُستحق بالعمل حين يكون العمل سببه: كنصيب المضارب في ربح المضاربة، اعتبارا بالإجارة.

ويُستحق بالضمان كما في شركة الوجوه. لقوله صلوات الله وسلامه عليه: (الخراج بالضمان) أو (الغلة بالضمان)، أي من ضمن شيئا فله غلته. ولذا ساغ للشخص أن يتقبل العمل من الأعمال كخياطة ثوب - ويتعهد بإنجازه لقاء أجر معلوم ، ثم يتفق مع آخر على القيام بهذا العمل بأجر أقل من الأجر الأول، ويربح هو فرق ما بينهما حلالا طيبا - لمجرد أنه ضمن العمل، دون أن يقوم به: وعسى أن لا يكون له مال أصلا.

فإذا لم يوجد أحد هذه الأسباب الثلاثة، التي لا يستحق الربح إلا بواحد منها، لم يكن ثم سبيل إليه.

ولذا : لا يستقيم أن يقول شخص لآخر: تصرف في مالك على أن يكون الربح لي، أو على أن يكون الربح بيننا - فإن هذا عبث من العبث عند جميع أهل الفقه، والربح كله لرب المال دون مزاحم" انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب