الجمعة 7 جمادى الأولى 1446 - 8 نوفمبر 2024
العربية

حكم العمل وسيطا بين الناس وشركة التأمين للتربح من ذلك وتخفيف الأقساط عليهم

286248

تاريخ النشر : 24-03-2018

المشاهدات : 13230

السؤال

لقد قيل لي إن التأمين على السيارات حرامٌ ، ولكن لأنه متطلّبٌ قانونيٌّ هنا في المملكة المتحدة يصبح جائزا ، في الوقت الحالي يبدو أن شركات التأمين على السيارات تطلب أسعاراً باهظة الثمن تجاه الشباب مثلي ؛ لأنهم يشعرون بأنّ السائقين الشباب هم أكثر خطورةً ، وأكثر عرضةً للوقوع في حادث سيارة ، من أجل حلّ المشكلة توصلت إلى فكرةٍ تجاريةٍ حيث أكون وسيطاً (وسيط) بين شركات التأمين والسائقين الشباب ، لقد توصّلت إلى نظامٍ حيث يدفع السائقين الشباب أولاً نفس الثمن المرتفع الذي يدفعه الجميع لهم ، ولكن إذا لم يحصل أيّ حادثٍ فإنّهم يسترجعون بعضاً من أموالهم ، بهذه الطريقة سوف أجذب المزيد من العملاء لشركات التأمين ، وبسبب الأموال التي يسترجعها العملاء على الأرجح أنّهم سيقودون بشكلٍ عقلانيٍّ أكثر، وأنا سوف آخذ عمولةً صغيرةً من كلا الجانبين لخدماتي. سؤالي هو : هل عملي حرامٌ لأن التأمين وأيّ شيء يرتبط به التأمين هو حرامٌ في الإسلام أم أنّه جائزٌ لأنني مجرّد وسيطٍ ، ولست شركة التأمين الفعلية ، فكل ما أفعله هو تعريف الطرفين على بعضهم البعض، وفي المملكة المتحدة التأمين على السيارات هو متطلّبٌ ضروريٌّ من قِبَلِ القانون من أجل قيادة السيارة ، وعلى طريقتي يكون الأمر أفضل ؛ لأن الناس على الأقل يدفعون أقل ؟

الجواب

الحمد لله.

التأمين التجاري محرم بجميع صوره؛ لقيامه على الغرر والمقامرة، والربا أيضا ؛ فهو مال بمال مع احتمال الزيادة أو النقص،  وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : (8889) ، ورقم : (130761) ، ورقم : (205100) .

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/ 246) : "التأمين التجاري حرام؛ لما يأتي:

1 - عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية، المشتملة على الغرر الفاحش؛ لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطى أو يأخذ، فقد يدفع قسطا أو قسطين، ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن، وقد لا تقع الكارثة أصلا فيدفع جميع الأقساط، ولا يأخذ شيئا، وكذلك المؤمن لا يستطيع أن يحدد ما يعطى ويأخذ بالنسبة لكل عقد. بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- النهي عن بيع الغرر.

2 - عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة؛ لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطا من التأمين، ثم يقع الحادث، فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر، ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قمارا، ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ والآية بعدها.

3 - عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنسأ، فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها ، فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة العقد، فيكون ربا نسأ، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثلما دفعه لها ، يكون ربا نسأ فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع...

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.

لكن من أجبر على هذا التأمين ، كالتأمين على السيارة فلا إثم عليه. ولا يقال: إن التأمين أصبح جائزا، فهو عقد محرم، والإثم فيه على المجبِر.

ولهذا لا يجوز أن تعمل وسيطا لتربح من هذا التأمين، ولو كان هذا سيخفف عن الشباب ما يدفعونه؛ لأن العقد المحرم لا يجوز التربح من ورائه، لا سيما إذا اشتمل على الربا، وقد روى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ قَالَ: " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ ".

وهذا يدل على عظم جرم الإعانة على الربا بكل طريق .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب