الحمد لله.
أولا:
القاعدة في الشركات: أن الخسارة على قدر المال، وأما الربح فعلى ما يتفق الشركاء.
فإذا اشترك اثنان بماليهما، فالخسارة على قدر المالين بالنسب.
وإذا اشترك اثنان أحدهما بمال، والآخر بعمل، فالخسارة المالية على صاحب المال، ويخسر العامل عمله، إلا أن يتعدى العامل أو يفرط، فتكون خسارة المال عليه أيضا.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/ 22): " الخسران في الشركة على كل واحد منهما [يعني: الشريكين] بقدر ماله ، فإن كان مالهما متساويا في القدر ، فالخسران بينهما نصفين ، وإن كان أثلاثا ، فالوضيعة [أي: الخسارة] أثلاثا. لا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم. وبه يقول أبو حنيفة , والشافعي وغيرهما ...
والوضيعة في المضاربة على المال خاصة ، ليس على العامل منها شيء ; لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال ، وهو مختص بملك ربه ، لا شيء للعامل فيه ، فيكون نقصه من ماله دون غيره ; وإنما يشتركان فيما يحصل من النماء " انتهى.
وإذا كان صاحبك قد شارك برأس المال، وشاركت أنت بالمكان والتجهيزات والعمل، ولم تأخذ أجرة على المكان والتجهيزات :
فإن كنت متبرعا بالمكان والتجهيزات، فلا بأس ، ولا شيء عليك .
وإن كنتما قد راعيتما ذلك في الشركة، واحتسبتما أجرة المكان وتجهيزاته كرأس مال شاركت به : فتقدر أجرة ذلك ، وتكون قد شاركت بها في رأس المال ، وتكون قد شاركت بمال وعمل، وتدخل عليك الخسارة في المال على قدر حصتك المالية التي ذكرنا.
فلو شارك صاحبك بعشرة آلاف، وكانت أجرة المكان والتجهيزات ألفين، فقد شاركت بألفين وبعملك، وعند الخسارة تتحمل الخمس؛ لأن نسبة مالك إلى مال صاحبك: الخمس.
ويلزمه أن يرد لك ما أخذه زائدا على ذلك.
وإن شئت أن تتحمل نصف الخسارة باختيارك فلا حرج في ذلك، من باب المواساة والإحسان.
ولا يجوز أن يشترط ذلك في عقد الشركة مستقبلا.
وينظر: جواب السؤال رقم : (100103) .
ثانيا:
إذا أردتما الاستمرار في المشروع وشراء كمية أخرى من الخراف، فأنهيا المشروع الأول، وليحضر صاحبك رأس ماله، وتضبط أنت رأس مالك، وتتفقان على أن الخسارة تكون بقدر رأس المال.
وإنما قلنا: أنهيا المشروع الأول، لأنه إن كان لصاحبك دين عليك- وهو قدر الخسارة ، إن كنت ستتحمل شيئا منها ، وفق التفصيل السابق - فإنه لا يجوز أن يجعل هذا الدين رأس مال في شركة جديدة، لأن الشركة يشترط لها أن يكون رأس المال عينا، لا دينا.
قال في "كشاف القناع" (3/ 497): " (ومنها) أي شروط الشركة : (حضور المالين ، كمضاربة) لتقرير العمل ، وتحقيق الشركة ؛ (فلا تصح) الشركة على مال (غائب ، ولا) على مال (في الذمة) ؛ لأنه لا يمكن التصرف فيه في الحال ، وهو مقصود الشركة" انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" (26/ 48) " الشرط الأول: أن يكون رأس المال عينا، لا دينا: لأن التجارة التي بها يحصل مقصود الشركة ، وهو الربح : لا تكون بالدين. فجعله رأس مال الشركة مناف لمقصودها" انتهى.
والله أعلم.
تعليق