الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

نذر أو نوى التصدق بنقود ثم اتجر فيها وربح فهل يلزمه التصدق بالربح أيضا ؟

303406

تاريخ النشر : 01-08-2019

المشاهدات : 6070

السؤال

كنت نويت أو نذرت أن أتصدق لمسجد بخمسين ألفا لبناء المسجد وقد قبضها، ولعذرة ما ، ثم اشتريت سلعة بهذه الصدقة ، وعندما بعت هذه السلعة ، فربحت سبعين ألف تقريبا مع رأس المال ، يعني الربح 20000 ألف تقريبا . السؤال : ما حكم هذه الفعل ؟ وهل الربح 20000 لي أم للمسجد مع رأس المال ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

من نوى أن يتصدق بمال، وبقي المال في يده، فله أن يرجع ويستفيد من ماله ؛ لأن الصدقة لا تلزم إلا إذا قبضها المتصدق عليه.

قال ابن قدامة رحمه الله: "وقد انعقد الإجماع على أن الإنسان لو نوى الصدقة بمال مقدر، وشرع في الصدقة به، فأخرج بعضه، لم تلزمه الصدقة بباقيه" انتهى من "المغني" (2/ 178).

وقال في "شرح المنتهى" (1/ 468): "ومن ميز شيئاً للصدقة به ، أو وكل فيه ، ثم بدا له أن لا يتصدق به: سُن له إمضاؤه، مخالفة للنفس والشياطين، ولا يجب عليه إمضاؤه ؛ لأنها لا تملك قبل القبض" انتهى.

وقال ابن رجب في "القواعد" ص83: "وأما الصدقة الواجبة والتطوع: فالمذهب المنصوص أنها لا تُملك بدون القبض".

وقال في ص86: " وأما إذا عينها المالك من ماله ، وأفردها: فلا تصير بذلك صدقة ، ولا تخرج عن ملكه بدون قبض المستحق أو قبوله ، وقد نص أحمد على أنها إذا تلفت بعد تعيُّنها، لم تبرأ ذمته من الزكاة.

وأما إن كانت صدقة تطوع فاستحب إمضاؤها وكره الرجوع فيها" انتهى.

وعليه : فما دام المال لم يصل للمسجد، فإنه مالك، وإذا ربحت فيه فالربح لك.

وإذا أردت التصدق بعد ذلك، فتصدق بما شئت، بخمسين أو سبعين أو غير ذلك.

غير أن ما ورد في السؤال : ( وقد قبضها ): لم يتبين لنا المراد به في سؤالك:

فإن كنت الصدقة في يدك، لم يقبضها منك القائم على بناء المسجد : فالجواب على ما سبق ذكره.

وإن كان المال قد خرج من يدك، إلى القائم على أمر البناء، ثم استرجعتها منه ثانية، واتجرت فيها: فقد أخطأت خطأ بينا، وهذا من الرجوع المحرم في الصدقة؛ فإن الصدقة متى خرجت من يدك، ووقعت في يد مستحقها، لم يحل لك الرجوع فيها بحال، ولا على سبيل القرض، والاتجار به.

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (139733) .

فإذا كنت استرجعتها على هذا الوجه المحرم، واتجرت بها، وربحت، فهل ترد المال كله بربحه للمسجد، أو يحل لك شيء من الربح ؟

اختلف الفقهاء، هنا: فيمن ربح من المال الذي أخذه تعديا بغير حق، هل يكون له، أم للمأخوذ منه، أم يتصدق به، أم يكون بينهما؟

فالمالكية والشافعية على أنه يكون للآخذ. والحنابلة على أنه يكون للمأخوذ منه، والحنفية على أنه يتصدق به.

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن هذا الربح يكون بينهما، فيعامل المعتدي كما لو أنه أخذ المال مضاربةً، فيكون له نصف الربح أو ثلثه أو ربعه بحسب عرف الناس في المضاربة.

وانظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم : (270484) .

ثانيا:

إذا نذرت أن تدفع خمسين ألفا في بناء مسجد، فهذا نذر طاعة يجب الوفاء به.

وكان عليك أن تبادر بذلك ولا تؤخر.

فإن أخرت النذر لحاجتك، فنرجو ألا تأثم بذلك، وعليك أن تفي بنذرك ولا يلزمك إلا دفع خمسين ألفا، فإن زدت فهو تطوع.

وعلى فرض أنك نذرت دفع عين الخمسين التي في يدك، فإن الحكم لا يختلف؛ لأن النقود لا تتعين بالتعيين، فالمال باق على ملكك، وربحه لك، والنذر في ذمتك، فعليك الوفاء بدفع خمسين ألفا للمسجد.

ثالثا:

واعلم أن النذر لا ينعقد بمجرد النية بل لابد من القول.

قال النووي رحمه الله في شرحه : " وهل يصح (النذر) بالنية من غير قول ؟

الصحيح باتفاق الأصحاب: أنه لا يصح إلا بالقول , ولا تنفع النية وحدها " انتهى من "المجموع" (8/435).

وقال في "الإنصاف" (11/118) : " ولا يصح (النذر) إلا بالقول ، فإن نواه من غير قول : لم يصح، بلا نزاع " انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب