الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

لا يجوز لأمين الجمعية الخيرية أن يقترض لنفسه من مال الجمعية

139733

تاريخ النشر : 05-11-2009

المشاهدات : 16469

السؤال

أنا شخص مؤتمن على بعض الأموال المتعلقة ببعض الجهات الخيرية, وقد أحتاج أحياناً لأخذ شيء من هذه الأموال ثم رد بدله في وقت وجيز, وذلك لأني إذا خرجت أحياناً ولم يكن معي نقودي الخاصة, أخذت من هذه الأموال ثم رددتها مباشرة, ولكني لا آخذها لأنه ليس عندي مال, بل آخذها لما ذكرت, فما حكم هذا العمل ؟

الجواب

الحمد لله.

لا يجوز لأمين الجمعية الخيرية التصرف في مال الجمعية إلا في حدود مصلحتها ، بمقتضى ما أقرته الإدارة ، وكلفته به ، وذلك لأن أمين الجمعية مؤتمن على ما تحت يده من المال ، فيجب عليه رعايته وحفظه ، ولا يتصرف فيه إلا في الحدود المسموح بها إداريا ، وليس له أن يخالف ذلك ، ولو كان شيئا يسيرا ، فإن اليسير يجر إلى الكثير . 

وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن من صور التعدي في الأمانة التي يمكن أن يقع فيها المؤتمن : أن يستقرض من المال الذي ائتمن عليه .

فإن فعل ذلك كان متعدياً ، ويجب عليه ضمان المال ، حتى لو تلف المال بعد أن رده بدون تعدٍّ أو تفريط منه ، فيجب عليه ضمانه ، لأنه بتعديه في الأمانة أول مرة صار كالغاصب ، فيلزمه ضمان المال .

انظر : "الإنصاف" (5/396) ، "كشاف القناع" (3/484) ، "أسنى المطالب" (2/122)

"الموسوعة الفقهية" (12/236-237)

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"الوكيل أمين ؛ لأن العين حصلت بيده بإذن من الموكل ، ومتى ترتفع الأمانة ؟

ترتفع الأمانة إذا تعدى أو فَرَّط ، وصارت يده غير أمينة .

مثال ذلك : أودعت شخصا عشرة آلاف ريال ، وجعلها أمام عينه في الصندوق وبقيت في الصندوق لم يتصرف فيها ، فهو الآن أمين ؛ لأن الدراهم تحت يده بإذن من المالك .

هذا الرجل احتاج يوما من الأيام واستقرض هذه الدراهم ، واشترى بها حاجة ثم ردها في يومها إلى الصندوق ، فتزول أمانته ؛ لأن يده صارت غير أمينة ؛ لأنه تصرف في المال بغير إذن مالكه ، وهذا من التعدي .

فإذا قال قائل : هو أخذ عشرة آلاف وردها في اليوم نفسه ، وفي الصندوق نفسه ؟

نقول : لكن ليس له حق أن يتصرف في عين مال الغير إلا بإذنه ، وهذا لم يؤذن له .

ولو فرض أن هذا الصندوق احترق وتلفت الأموال التي فيه ، ومن جملتها عشرة الآلاف ، وذلك بعد أن تصرف فيها وردها فإنه يضمنها ؛ لأنه صار غير أمين بتصرفه فيها ، أما لو أبقاها ولم يتصرف فيها ، ثم احترق الصندوق فليس عليه ضمان ؛ لأنه أمين .

انتبه لهذه القواعد لأنها مفيدة جدا" انتهى .

"الشرح الممتع" (9/103) .

وقال أيضا رحمه الله :

"الأمين مؤتمن فلا يحل له أن يتجاوز ما ائتمن عليه" انتهى .

"فتاوى نور على الدرب" (234 /1) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

هل يجوز للموظف أن يقترض من مال صندوق الدائرة عن طريق المحاسب نظرا لاضطراره إلى ذلك ويستقطعه المحاسب من راتبه عند الصرف في نهاية الشهر الذي اقترض فيه ؟

فأجابوا :

"إذا كان الواقع ما ذكر في السؤال ، فإن هذا العمل لا يجوز ؛ لأن أمين الصندوق ليس له التصرف في مال الدائرة المودع لديه ، لأنه أمين ، والأمين لا يتصرف فيما اؤتمن عليه ، وعليه التوبة إلى الله وعدم العود لمثل هذا العمل " انتهى ملخصا.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (23 / 477-478)

وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

أنا أعمل في التجارة ويأتي إليَّ كثير من الإخوة المغتربين ويودعون عندي أموالاً نقدية لهم وحين يطلبونها أعطيهم إياها كاملة ، ولكنني خلال فترة بقائها عندي أخلطها مع مالي وأشتغل بها لنفسي ، فهل يجوز لي هذا التصرف إذا كان بدون إذنهم ؟ وهل لهم نصيب من الربح مما ربحته أو مما ربحته ودائعهم أم لا ؟

فأجاب :

"لا يجوز لك هذا التصرف لأنك مؤتمن وهذه ودائع في يدك الواجب عليك أن تحفظها وأن تحافظ عليها ، أما إذا استعملتها فقد تعديت في الأمانة ، ولو تلفت صار عليك ضمانها لأصحابها ؛ لأنك قد تعديت فيها ولم تحفظها الحفظ اللازم .

وأما بالنسبة لما حصل من أرباح فأرباح أموالهم لهم ولك أجرة مثلك إلا إن سمحوا لك بها أو بشيء منها ؛ لأن هذه مضاربة غير صحيحة ، لأنها لم تكن برضى من الطرفين ، والمضاربة إذا كانت غير صحيحة فإن ربحها يكون لصاحب المال ويكون للعامل أجرة مثله" انتهى .

"المنتقى من فتاوى الفوزان" (76/1) .

فالنصيحة لك أن تكف عن هذا التصرف المحرم ، وتستغفر الله وتتوب إليه ، وتعزم على عدم العودة لمثل ذلك مرة أخرى .

والله أعلم  

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب