الحمد لله.
الأصل في الإقراض أنه قربة مستحبة
الأصل في الإقراض للغير أنه قربة مستحبة؛ لما فيه من الإحسان، وتفريج الكرب، ولهذا كان للمقرض أجر عظيم على القرض، كما قال صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ إِلَّا كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةً رواه ابن ماجه (2430) وابن حبان في صحيحه والبيهقي مرفوعا وموقوفا وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (5/225).
القرض قد يكون واجباً أو حراماً أو مكروها
ولكن قد يخرج القرض عن هذا الأصل فيكون واجبا أو حراما أو مكروها.
قال في "أسنى المطالب" (2/140): " نَعَمْ ، إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَصْرِفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَوْ مَكْرُوهٍ: لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً".
وقال الرملي في حاشيته عليه: " ( قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ )، بَلْ يَحْرُمُ فِي الأَوَّلِ، وَيُكْرَهُ فِي الثَّانِي، وَقَدْ يَجِبُ كَالْمُضْطَرِّ" انتهى.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (33/113): " لَكِنْ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْوُجُوبُ أَوِ الْكَرَاهَةُ أَوِ الْحُرْمَةُ أَوِ الإْبَاحَةُ، بِحَسَبِ مَا يُلاَبِسُهُ أَوْ يُفْضِي إِلَيْهِ، إِذْ لِلْوَسَائِل حُكْمُ الْمَقَاصِدِ.
وَعَلَى ذَلِكَ:
فَإِنْ كَانَ الْمُقْتَرِضُ مُضْطَرًّا، وَالْمُقْرِضُ مَلِيئًا: كَانَ إِقْرَاضُهُ وَاجِبًا.
وَإِنْ عَلِمَ الْمُقْرِضُ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ، أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَصْرِفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَوْ مَكْرُوهٍ : كَانَ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا بِحَسَبِ الْحَال.
وَلَوِ اقْتَرَضَ تَاجِرٌ لاَ لِحَاجَةٍ، بَل لِيَزِيدَ فِي تِجَارَتِهِ طَمَعًا فِي الرِّبْحِ الْحَاصِل مِنْهُ، كَانَ إِقْرَاضُهُ مُبَاحًا، حَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يَشْتَمِل عَلَى تَنْفِيسِ كُرْبَةٍ، لِيَكُونَ مَطْلُوبًا شَرْعًا" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (9/94): "ويجب القرض أحياناً، فيما إذا كان المقترض مضطراً، لا تندفع ضرورته إلا بالقرض.
ولكن لا يجب إلا على من كان قادراً عليه، من غير ضرر عليه في مؤونته ولا مؤونة عياله.
كما أنه يكون أحياناً حراماً، إذا كان المقترض اقترض لعمل محرم، لقوله تعالى: (وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة: 2]. ولكنه من حيث الأصل هو بالنسبة للمقرض مندوب؛ لأنه من الإحسان" انتهى.
حكم إقراض شخص غرضه التباهي والتفاخر
والتباهي والتفاخر والمغالاة في تجهيز العروس أقل أحواله الكراهة، وقد يحرم، وقد ذم الله تعالى الإسراف فقال: (وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأنعام/141.
وقال: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ الأعراف/31.
وذم التبذير فقال: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا الإسراء/26، 27
قال المناوي في "فيض القدير" (1/50):" والسرف صرف الشيء فيما ينبغي، زائدا على ما ينبغي. والتبذير صرفه فيما لا ينبغي " انتهى.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " قال بعض أهل العلم: إن الوليمة من النفقة الراجعة للعرف، فتسن بما يقتضيه العرف، على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، لكن بشرط أن لا تصل إلى حد المباهاة والإسراف، فإذا وصلت إلى حد الإسراف والمباهاة صارت محرمة أو مكروهة" انتهى من "الشرح الممتع" (12/321).
فإذا علمت أن المقترض يريد صرف المال في مكروه، فلا تعنه على ذلك.
والله أعلم.
تعليق