الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل يجب تنفيذ الوصية بعدم بيع العقار؟

384876

تاريخ النشر : 25-07-2022

المشاهدات : 11634

السؤال

توفى والدي، وقد أوصى ب ١٠٪ تذهب للصدقة عنه، لكنه أمرنا بعدم بيع أي عقار، ومن يبيع فهو عليه غضبان، وإن أصر أحد الورثة على أخذ حصته فلا يباع العقار، إنما على باقي الورثة شراء حصته. فكيف نخرج ١٠٪ التي أوصى بها، ونحن لا نستطيع بيع العقارات؟ وهل هو على حق، ويلزمنا عدم بيع العقارات؟ وأيضا هل يلزمنا المداومة على إخراج ١٠٪ عن كل دخل مستقبلي للعقارات المؤجرة؟

الحمد لله.

أولا:

جواز وصية الإنسان بثلث ماله أو أقل

للإنسان أن يوصي بثلث ماله فأقل، ويلزم ورثته تنفيذ وصيته؛ لقوله تعالى في آيات المواريث: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/11.

وروى البخاري (5659)، ومسلم (1628) عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ بن أبي وقاص أَنَّ أَبَاهَا قَالَ : "تَشَكَّيْتُ بِمَكَّةَ شَكْوًا شَدِيدًا، فَجَاءَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنِّي أَتْرُكُ مَالًا وَإِنِّي لَمْ أَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً فَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي وَأَتْرُكُ الثُّلُثَ ؟ فَقَالَ : لَا ، قُلْتُ: فَأُوصِي بِالنِّصْفِ وَأَتْرُكُ النِّصْفَ؟ قَالَ:  لَا ، قُلْتُ : فَأُوصِي بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ : الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ .

وإذا كان والدك أوصى ب 10% من ماله يذهب للصدقة عنه، وفي الوقت ذاته نهاكم عن بيع أي عقار، فسبيل تنفيذ هذه الوصية أن يؤجر عقار (كشقة مثلا) قيمته 10% من التركة، ويتصدق بالأجرة.

وإن كان عشر ماله أقل من شقة فيبقى العشر مع من لا يريد بيع نصيبه من الشقة، ويخرج قسط ذلك من الأجرة ويتصدق به، وما بقي فهو من نصيه.

أو أن يباع العشر، ويشترى به شقة، أو محل، في مكان آخر، بحيث تؤجر العين المشتراة، ويخرج ريعها صدقة.

وإذا حصل نزاع حول كيفية تنفيذ الوصية فليرجع إلى المحكمة الشرعية.

ثانيا:

حكم وصية الميت للورثة بعدم بيع العقار  

أما وصيته بعدم بيع الورثة للعقار، وقوله: إنه سيغضب على من فعل ذلك، فلا حق له فيه؛ فإنه بموته ينقطع ملكه، وينتقل المال إلى الورثة، فيكونون أحق به منه، ويملكون التصرف فيه بما شاءوا.

وقد روى البخاري (6442) عن عَبْد اللَّهِ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟  قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ، قَالَ: فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ، وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ .

 فدل هذا على أن ما تركه الميت يكون ملكا لوارثه ، وإذا كان ملكا للوارث فإنه يتصرف فيه بما يشاء .

ولا يلزم الورثة أن يشتروا حصة من يريد البيع منهم، وكل هذا تحجير وتشديد لا وجه له شرعا.

ومعلوم أنه يريد بقاء الملك باسمهم، أو يريد اجتماعهم في مكان واحد، وهذا حسن، لكنه غير واجب، وقد يرى الابن المصلحة في خلافه، وقد يحتاج إلى بيع العقار، فلا يحجر عليه في ذلك.

والوصية التي يلزم تنفيذها: هي التي تتعلق بتبرع المتوفى بشيء من ماله، لا بمنع الورثة من التصرف في مالهم.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المقنع" ص249 : " والوصية بالمال: هي التبرع به بعد الموت" انتهى.

وعليه؛ فيجوز لأي وارث أن يبيع حصته، فإن لم يرغب إخوانه في شرائها باعها لأجنبي.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب