الحمد لله.
إذا تم الخلع أو الطلاق على عوض، بانت المرأة من زوجها بينونة صغرى، وصارت بذلك أجنبية عنه، فلا يجوز أن يخلو بها، ولا يلزمها أن تعتد في بيته، ولا يلزمه إبقاؤها، وإذا تراضيا على أن تعتد في بيته، فلابد من وجود من تنتفي معه الخلوة، ولابد من تستُّرها عن طليقها.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (25/117): " فلو كانت دار المطلق متسعة لهما، وأمكنها السكنى في غرفة منفردة، وبينهما باب مغلق (أي بمرافقها)، وسكن الزوج في الباقي: جاز، فإن لم يكن بينهما باب مغلق ووجد معها محرم تتحفظ به جاز، وإلا لم يجز" انتهى.
وقال البهوتي رحمه الله : " وتعتد بائن حيث شاءت من بلدها، في مكان مأمون، ولا يجب عليها العدة في منزله؛ لما روت : فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة وهو غائب، فأرسل إليها بشيء، فسخطته، فقالت: والله ما لك عليها من شيء ، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له فقال لها : ( ليس لك عليه نفقة ولا سكنى ، وأمرها أن تعتد عند أم شريك ، ثم قال : تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي في بيت ابن أم مكتوم ) متفق عليه" انتهى من " كشاف القناع " (5/434).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا طلقها الطلقة الثالثة ، فإن كان في البيت سواها بحيث لا يحصل خلوة بينها وبين زوجها المطلق ، فلا بأس أن تبقى في البيت ، ولها أن تنتقل إلى أهلها ، وأما إذا لم يكن في البيت إلا الرجل الذي طلقها الطلقة الثالثة ، فإنه يجب عليها أن تخرج وذلك ؛ لأنها صارت بائنةً منه لا تحل له ، وعلى هذا : لا يجوز له أن يخلو بها فتخرج إلى بيت أهلها" انتهى من" فتاوى نور على الدرب " .
وعليه؛ فلا يلزمك السماح لها بقضاء عدتها في بيتك، لأنه لا حق لها في السكنى.
وأما المطلقة طلاقا رجعيا فإنها تعتد في بيت الزوجية، ولا يجوز إخراجها منه.
قال في "شرح منتهى الإرادات" (3/206): " (وَرَجْعِيَّةٌ فِي لُزُومِ مَنْزِلِ) مُطَلِّقِهَا، لَا فِي الْإِحْدَادِ: (كَمُتَوَفًّى عَنْهَا) زَوْجُهَا، نَصًّا [أي : نص عليه الإمام أحمد]؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ [الطلاق: 1] .
وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهَا الْمُطَلِّقُ فِي الْخُرُوجِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِدَّةِ، وَهِيَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى؛ فَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ إسْقَاطَ شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهَا، كَمَا لَا يَمْلِكُ إسْقَاطَهَا، أَيْ الْعِدَّةِ" انتهى.
والله أعلم.
تعليق