الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

تسمية الأولاد بأسماء الأنبياء الوارد ذكرهم في القرآن الكريم

395904

تاريخ النشر : 28-07-2022

المشاهدات : 4279

السؤال

ما حكم تسمية الأبناء بأسماء الأنبياء الواردة في القرآن بنيّة الدعاء لهم بالقرآن في الصلاة أو في الورد، وعلى وجه الخصوص في قوله تعالى: (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأيْدِي وَالأبْصَارِ. إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ. وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأخْيَارِ)؟

الجواب

الحمد لله.

تسمية الأولاد بأسماء الأنبياء الوارد ذكرهم في القرآن الكريم هو من السنّة.

كما في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ، فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي، إِبْرَاهِيمَ  رواه مسلم (2315).

وعَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ:  "وُلِدَ لِي غُلاَمٌ، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَدَفَعَهُ إِلَيَّ" رواه البخاري (6198) في باب "مَنْ سَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ"، ورواه مسلم (2145).

وعن يوسف بن عبد الله بن سلام رضي الله عنهما قال: " سَمَّانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوسُفَ، وَأَقْعَدَنِي عَلَى حِجْرِهِ، وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِي" رواه البخاري في "الأدب المفرد" (838) تحت باب "أسماء الأنبياء"، وصححه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/578)، والألباني في "صحيح الأدب المفرد".

فلنا أسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى:

لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا  الأحزاب/21.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

"هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله" انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/391).

وتلاوة الأدعية الواردة في القرآن بنية الدعاء هو أمر مشروع؛ ولذا شرع التأمين بعد تلاوة الفاتحة لما فيها من الدعاء.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" يستحب لمن قرأ الفاتحة أن يقول بعدها: آمين... ومعناه: اللهم استجب ...

قال أصحابنا وغيرهم: ويستحب ذلك لمن هو خارج الصلاة، ويتأكد في حق المصلي، وسواء كان منفردا أو إماما أو مأموما، وفي جميع الأحوال ... " انتهى من "تفسير ابن كثير" (1 /144–145).

لكن تلاوة الآية التي ذكرتها في السؤال بنية أنها عن أولادك، وهو قول الله تعالى:

وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ* إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ* وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ص/45–47.

فهذا ليس بدعاء، وإنما هو إخبار من الله تعالى عن مكانة هؤلاء الأنبياء عليهم السلام.

فقراءة هذه الآية بنية أنها عن أولادك الحاملين لهذه الأسماء هو نوع من التحريف لمعاني القرآن الكريم، وعدم تدبره على الوجه اللائق.

لكن إذا أردت الدعاء لأولادك، فادع لهم، اللهم أصلح لي في ذريتي، اللهم إبراهيم – إن كان ابنك اسمه إبراهيم -، ونحو ذلك؛ وإلا فما معنى أن تكون تلاوة الآية بنية أولادك؟!

وينبغي التنبه إلى أن الدعاء في الصلاة لا يشترط فيه أن يكون من القرآن الكريم، بل يدعو العبد في الصلاة بما شاء من الخير.

كما في حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: "كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلاَةِ، قُلْنَا: السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ، السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  لاَ تَقُولُوا السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ فِي السَّمَاءِ أَوْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ، فَيَدْعُو  رواه البخاري (835)، ومسلم (402).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب