الحمد لله.
ذهب جمهور العلماء إلى أن الأحجار الكريمة لا زكاة فيها إلا إذا كانت للتجارة ، ولا زكاة عندهم في غير الذهب والفضة .
قال الإمام مالك في "المدونة" (1/341) :
لَيْسَ فِي الْجَوْهَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ زَكَاةٌ اهـ .
وقال الشافعي في "الأم" :
وَمَا يُحَلَّى النِّسَاءُ بِهِ , أَوْ ادَّخَرْنَهُ , أَوْ ادَّخَرَهُ الرِّجَالُ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ وَمَرْجَانَ وَحِلْيَةِ بَحْرٍ وَغَيْرِهِ فَلا زَكَاةَ فِيهِ , وَلا زَكَاةَ إلا فِي ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ اهـ . وحلية البحر كُلُّ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ . والوَرِق هو الفضة .
وقال النووي في "المجموع" :
لَا زَكَاةَ فِيمَا سِوَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ الْجَوَاهِرِ كَالْيَاقُوتِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ وَالزُّمُرُّدِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَسَائِرِ النُّحَاسِ وَالزُّجَاجِ , وَإِنْ حَسُنَتْ صُنْعُهَا وَكَثُرَتْ قِيمَتُهَا , وَلا زَكَاةَ أَيْضًا فِي الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ .
وَلا خِلافَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا عِنْدَنَا , وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ . وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ أَنَّهُمْ قَالُوا : يَجِبُ الْخُمْسُ فِي الْعَنْبَرِ , قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَكَذَلِكَ اللُّؤْلُؤُ , وَحَكَى أَصْحَابُنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : يَجِبُ الْخُمْسُ فِي كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَحْرِ سِوَى السَّمَكِ . وَحَكَى الْعَنْبَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَيْنِ ، إحْدَاهُمَا : كَمَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ . وَالثَّانِيَةُ : أَنَّهُ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا إذا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا حَتَّى فِي الْمِسْكِ وَالسَّمَكِ . وَدَلِيلُنَا :
1- الأَصْلُ أَنْ لا زَكَاةَ إلا فِيمَا ثَبَتَ الشَّرْعُ فِيهِ .
2- وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ فِي الْعَنْبَرِ زَكَاةٌ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ . أَيْ قَذَفَهُ وَدَفَعَهُ .
فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي دَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ , وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( لا زَكَاةَ فِي حَجَرٍ ) فَضَعِيفٌ جِدًّا , رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَبَيَّنَ ضَعْفَهُ اهـ .
وسئل فضيلة الشيخ ابن باز (14/121) :
"تعددت في هذا الوقت أنواع المصوغات كالألماس والبلاتين وغيرهما المعدة للبس وغيره فهل فيها زكاة ؟
وإن كانت على شكل أواني للزينة أو للاستعمال ؟ أفيدونا أثابكم الله .
فأجاب :
إن كانت المصوغات من الذهب والفضة ففيها زكاة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول . ولو كانت للبس أو العارية في أصح قولي العلماء ، لأحاديث صحيحة وردت في ذلك ، أما إن كانت من غير الذهب والفضة كالماس والعقيق ونحو ذلك فلا زكاة فيها ، إلا إذا أريد بها التجارة فإنها تكون حينئذ من جملة عروض التجارة فتجب فيها الزكاة كغيرها من عروض التجارة ، ولا يجوز اتخاذ الأواني من الذهب والفضة ولو للزينة ، لأن اتخاذها للزينة وسيلة إلى استعمالها في الأكل والشرب ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم - يعني الكفار - في الدنيا ولكم في الآخرة) متفق على صحته.
وعلى من اتخذها زكاتها مع التوبة إلى الله عز وجل ، وعليه أيضا أن يغيرها من الأواني إلى أنواع أخرى لا تشبه الأواني كالحلي ونحوه اهـ .
وقال أيضاً (14/124) :
المجوهرات من غير الذهب كالماس ليس فيها زكاة إلا أن يراد بها التجارة اهـ .
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ما حكم اقتناء المجوهرات مثل الألماس ؟ وهل تجب فيها الزكاة ؟ وهل يعتبر حكم الألماس حكم الذهب والفضة ؟
فأجاب فضيلته بقوله :
" اقتناء المجوهرات لاستعمالها جائز بشرط ألا يصل إلى حد الإسراف ، فإن وصل إلى حد الإسراف كان ممنوعا بمقتضى القاعدة العامة التي تحرم الإسراف ، وهو مجاوزة الحد لقول الله تعالى : ( وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأنعام/141 .
وإذا لم يخرج اقتناء هذه المجوهرات من الألماس وغيره إلى حد الإسراف فهي جائزة ، لعموم قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ) البقرة/29 .
وليس فيها زكاة إلا أن تعد للتجارة ، فإنها تكون كسائر الأموال التجارية " اهـ .
فتاوى الزكاة (ص 97) .
تعليق