الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل يجمع ويقصر مَن سافر وأقام يوماً واحداً ؟

47643

تاريخ النشر : 10-09-2004

المشاهدات : 74821

السؤال

ذهبت مع والدي إلى سفر وأقمنا يوماً واحداً ثم رجعنا ، هل في هذا اليوم نجمع ونقصر أم نقصر من دون الجمع ؟.

الجواب

الحمد لله.

أولاً :

اختلف أهل العلم – رحمهم الله – في المدة التي إن أقام فيها قصر صلاته وإن زاد عليها أتم على أقوال كثيرة ، والمذاهب الأربعة على أنه إذا كانت إقامة المسافر لا تزيد على ثلاثة أيام فله أن يترخص برخص السفر .

قال ابن رشد :

وأما اختلافهم في الزمان الذي يجوز للمسافر إذا قام فيه في بلد أن يقصر : فاختلاف كثير ، حكى فيه أبو عمر – أي : ابن عبد البر - نحواً من أحد عشر قولاً ، إلا أن الأشهر منها هو ما عليه فقهاء الأمصار ولهم في ذلك ثلاثة أقوال ‏:‏

أحدها : مذهب مالك والشافعي أنه إذا أزمع المسافر على إقامة أربعة أيام أتم ‏.‏

والثاني : مذهب أبي حنيفة وسفيان الثوري أنه إذا أزمع على إقامة خمسة عشر يوماً أتم ‏.‏

والثالث : مذهب أحمد وداود أنه إذا أزمع على أكثر من أربعة أيام أتم ‏.‏

وسبب الخلاف : أنه أمر مسكوت عنه في الشرع والقياس على التحديد ضعيف عند الجميع ، ولذلك رام هؤلاء كلهم أن يستدلوا لمذهبهم من الأحوال التي نقلت عنه عليه الصلاة والسلام أنه أقام فيها مقصراً ، أو أنه جعل لها حكم المسافر‏ .

" بداية المجتهد " ( 1 / 122 ، 123 ) .

وعلى هذا ، فالصورة المسئول عنها وهي إقامة المسافر يوماً واحداً لم يقع فيها خلاف بين الأئمة أنه يقصر الصلاة .

ثانياً :

أما الجمع : فإن كان سائراً على الطريق : فالأفضل له أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إما جمع تقديم وإما جمع تأخير حسب الأيسر له .

وإن كان نازلاً (كمن وصل إلى البلد الذي سافر إليه ، أو نزل بالطريق عدة ساعات ليستريح ) : فالأفضل أن لا يجمع ، وإن جمع فلا بأس لصحة الأمرين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

وقوله : " في سفر قصر " ظاهر كلامه أنه يجوز الجمع للمسافر سواء كان نازلاً أم سائراً ، وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء .

فمنهم من يقول : إنه لا يجوز الجمع للمسافر إلا إذا كان سائراً لا إذا كان نازلاً .

واستدل بحديث ابن عمر : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين المغرب والعشاء إذا جَدَّ به السير " يعني : إذا كان سائراً .

وبأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع بين الصلاتين في منى في حجة الوداع ؛ لأنه كان نازلاً ، وإلا فلا شك أنه في سفر؛ لأنه يقصر الصلاة ... .

والقول الثاني : أنه يجوز الجمع للمسافر ، سواء كان نازلاً أم سائراً .

واستدلوا لذلك بما يلي :

1. أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في غزوة تبوك وهو نازل .

2. ظاهر حديث أبي جحيفة الثابت في الصحيحين : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نازلاً في الأبطح في حجة الوداع ، وأنه خرج ذات يوم وعليه حلة حمراء فأمَّ الناس فصلّى الظهر ركعتين والعصر ركعتين " قالوا : فظاهر هذا أنهما كانتا مجموعتين .

3. عموم حديث ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم : " جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر " .

4. أنه إذا جاز الجمع للمطر ونحوه : فجوازه للسفر من باب أولى .

5. أن المسافر يشق عليه أن يفرد كل صلاة في وقتها ، إما للعناء ، أو قلة الماء ، أو غير ذلك .

والصحيح : أن الجمع للمسافر جائز ، لكنه في حق السائر مستحب ، وفي حق النازل جائز غير مستحب ، إن جمع فلا بأس ، وإن ترك فهو أفضل .

" الشرح الممتع " ( 4 / 387 – 390 ) .

وانظر جواب السؤال رقم : ( 50312 ) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب