الحمد لله.
أولا :
إذا أسلمت فتاة نصرانية ، وليس من أهلها وأقاربها من جهة الأب أحد مسلم ، فليس لها ولي من أقاربها ، لأن شرط ولي المسلمة أن يكون مسلما .
قال ابن قدامة رحمه الله وهو يذكر شروط الولي الذي يزوج المرأة :
"الشَّرْطُ الثَّالِثُ ، الْإِسْلَامُ ، فَلَا يَثْبُتُ لِكَافِرٍ وِلَايَةٌ عَلَى مُسْلِمَةٍ . وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَيْضًا .
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ عَامَّةُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى هَذَا" انتهى من "المغني" (9/367).
ثانيا :
لا يجوز للمرأة أن تتزوج من غير ولي ، وهو مذهب أكثر العلماء (مالك والشافعي وأحمد) .
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) رواه أبو داود (2085)، والترمذي (1101)، وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ) رواه أحمد (24417)، وأبو داود (2083)، والترمذي (1102) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم: (2709) .
ثالثا :
إذا لم يوجد للمرأة المسلمة ولي من أقاربها : فإن الولاية تنتقل إلى السلطان ، وهو الحاكم المسلم أو من ينيبه لتولي هذا الأمر ، كالقاضي .
فإذا كانت في بلد غير إسلامية ، وليس عندها قاض مسلم ، فمدير المركز الإسلامي يقوم مقام القاضي المسلم ، فتذهب إليه وتقص عليه قصتها ، وهو يقوم بالاتصال بك وإتمام الأمر .
وإذا كانت المسافة بينها وبين المركز الإسلامي قريبة عرفا : يلزمها السفر إليه ، فإن تعذر عليها ذلك ، فيصح أن يتولى نكاحها : مسلم ذو سلطان في بلادها ، كإمام المسجد ، ونحوه ممن له وجاهة في الناس.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"وإذا تعذر من له ولاية النكاح: انتقلت الولاية إلى أصلح من يوجد ، ممن له نوع ولاية في غير النكاح، كرئيس القرية، وأمير القافلة ونحوه" انتهى من "الاختيارات"، ص350 .
وقال في "كشاف القناع" (5/ 52): " (فإن عدم الولي مطلقا)؛ بأن لم يوجد أحد ممن تقدم: (زوّجها ذو سلطان في ذلك المكان، كوالي البلد أو كبيره ، أو أمير القافلة ونحوه) ، لأن له سلطنة" انتهى.
ويؤخذ من كلامه أن وليها يكون في المكان الذي هي موجودة فيه ، لا في غيره من البلدان ؛ وهذا ظاهر من معنى الولاية ، وحقها في النظر للمرأة ، ثم إشاعة ذلك في المكان الذي هي فيه ، ليعرف أمر نكاحها ، والفرق بينه وبين السفاح ، واتخاذ الأخذان.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"فإذا كانت في بلاد ليس فيها حاكم لا قاضٍ ولا ولي ، كالأقليات الإسلامية في بلاد الكفر ، فليزوجها رئيس المركز الإسلامي إذا كان عندهم مركز إسلامي ؛ لأنه بمثابة السلطان عندهم ، ورئيس المركز الإسلامي ينظر لها ويزوجها بالكفء" انتهى من موقع الشيخ ابن باز .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" إذا لم يكن للمرأة ولي مسلم قريب أو بعيد ، فإن رئيس المركز الإسلامي لديكم يتولى عقد النكاح ؛ لأنه بمثابة الوالي بالنسبة لأمثال هؤلاء ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (السلطان ولي من لا ولي له) ، ورئيس المركز ذو سلطان في محله ، لعدم وجود القضاة المسلمين في محله " انتهى . "فتاوى اللجنة الدائمة" (3 /387) .
ويؤخذ منه أيضا : أن الولي يكون في مكانها هي ، لا في بلد آخر .
أما توكيلها من يعقد لها النكاح في بلدك ، فلا يجوز ذلك ، لأنه يشترط في الوكالة أن يكون الموكل يملك التصرف الذي يوكل فيه ، وهي لا تملك أن تعقد النكاح لنفسها ، فلا تملك أن توكل فيه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"من ليس له التصرف في شيء فليس له أن يوكل فيه، فلو أن صبيّاً لم يبلغ قال لشخص: وكلتك في بيع بيتي فلا يصح؛ لأنه هو نفسه لا يصح له التصرف فيه فلا يصح أن يوكل" انتهى . الشرح الممتع (9/326).
ثم؛ ما المعنى في أن توكل المرأة من لا يعرفها ، ولا تعرفه ، ولا يؤتمن عليها ، ولا يعنيه النظر إلى أمرها ، ورعاية مصلحتها ؟!
رابعا :
إذا وجد للمرأة ولي في بلادها (كمدير المركز الإسلامي ، ثم من بعده إمام المسجد) ، فإنه لا بأس بعقد النكاح بوسائل الاتصال الحديثة، إذا حصل الأمن من التلاعب والتدليس.
وينظر جواب السؤال رقم: (2201).
والله أعلم .
تعليق