الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

ما هي المشقة التي تجيز صلاة الفريضة قاعداً؟

السؤال

متى يجوز للمريض أن يصلي قاعداً ، لأنه يمكن أن يتحمل القيام ، ولكن بمشقة شديدة جداً ؟.

الجواب

الحمد لله.

سبق في إجابة السؤال (50684) أن القيام ركن في صلاة الفريضة ، فلا تصح صلاة من صلى قاعداً وهو قادر على القيام ، وأن هذا الركن كغيره من الواجبات يسقط مع العذر .

قال النووي في المجموع (4/201) :

" أَجْمَعَتْ الأُمَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ فِي الْفَرِيضَةِ صَلاهَا قَاعِدًا وَلا إعَادَةَ عَلَيْهِ , قَالَ أَصْحَابُنَا : وَلا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ عَنْ ثَوَابِهِ فِي حَالِ الْقِيَامِ , لأَنَّهُ مَعْذُورٌ , وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا ) " انتهى .

وضابط العذر الذي يسقط القيام ، ويجيز صلاة الفريضة قاعدا :

1- أن يعجز عن القيام .

2- أن يزيد به المرض .

3- أن يتأخر به الشفاء .

4- أن يشق عليه مشقة شديدة تذهب الخشوع ، فإن كانت المشقة أقل من ذلك لم يجز له القعود .

روى البخاري (1117) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلاةِ ، فَقَالَ : ( صَلِّ قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ) .

قال الحافظ :

" قَوْله : ( فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ ) اِسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ لا يَنْتَقِل الْمَرِيض إِلَى الْقُعُود إِلا بَعْد عَدَم الْقُدْرَة عَلَى الْقِيَام , وَقَدْ حَكَاهُ عِيَاض عَنْ الشَّافِعِيّ , وَعَنْ مَالِك وَأَحْمَد وَإِسْحَاق : لا يُشْتَرَط الْعَدَم بَلْ وُجُود الْمَشَقَّة , وَالْمَعْرُوف عِنْد الشَّافِعِيَّة أَنَّ الْمُرَاد بِنَفْيِ الاسْتِطَاعَة وُجُود الْمَشَقَّة الشَّدِيدَة بِالْقِيَامِ , أَوْ خَوْف زِيَادَة الْمَرَض , أَوْ الْهَلاك , وَلا يُكْتَفَى بِأَدْنَى مَشَقَّة . وَمِنْ الْمَشَقَّة الشَّدِيدَة دَوَرَان الرَّأْس فِي حَقّ رَاكِب السَّفِينَة وَخَوْف الْغَرَق لَوْ صَلَّى قَائِمًا فِيهَا . . . .

وَيَدُلّ لِلْجُمْهُورِ أَيْضًا حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْد الطَّبَرَانِيِّ بِلَفْظِ : ( يُصَلِّي قَائِمًا , فَإِنْ نَالَتْهُ مَشَقَّة فَجَالِسًا , فَإِنْ نَالَتْهُ مَشَقَّة صَلَّى نَائِمًا ) " انتهى من فتح الباري .

وحديث ابن عباس الذي ذكره الحافظ ، ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2897) وقال :

" رواه الطبراني في الأوسط وقال : لم يروه عن ابن جريج إلا حلس بن محمد الضبعي ، قلت (الهيثمي) : ولم أجد من ترجمه ، وبقية رجاله ثقات " انتهى .

وقال ابن قدامة في المغني (1/443) :

" وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ , إلا أَنَّهُ يَخْشَى زِيَادَةَ مَرَضِهِ بِهِ , أَوْ تَبَاطُؤَ بُرْئِهِ , أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً , فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا . وَنَحْوَ هَذَا قَالَ مَالِكٌ وَإِسْحَاقُ . . . لقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) . وَتَكْلِيفُ الْقِيَامِ فِي هَذِهِ الْحَالِ حَرَجٌ , وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى جَالِسًا لَمَّا جُحِشَ (أي جُرح) شِقُّهُ الأَيْمَنُ , وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ بِالْكُلِّيَّةِ ; لَكِنْ لَمَّا شَقَّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ سَقَطَ عَنْهُ " انتهى .

وقال النووي في المجموع (4/201) :

" قَالَ أَصْحَابُنَا : وَلا يُشْتَرَطُ فِي الْعَجْزِ أَنْ لا يَتَأَتَّى الْقِيَامُ ، وَلا يَكْفِي أَدْنَى مَشَقَّةٍ ، بَلْ الْمُعْتَبَرُ الْمَشَقَّةُ الظَّاهِرَةُ , فَإِذَا خَافَ مَشَقَّةً شَدِيدَةً أَوْ زِيَادَةَ مَرَضٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَوْ خَافَ رَاكِبُ السَّفِينَةِ الْغَرَقَ أَوْ دَوَرَانَ الرَّأْسِ صَلَّى قَاعِدًا وَلا إعَادَةَ , وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : الَّذِي أَرَاهُ فِي ضَبْطِ الْعَجْزِ أَنْ يَلْحَقَهُ بِالْقِيَامِ مَشَقَّةٌ تُذْهِبُ خُشُوعَهُ ، لأَنَّ الْخُشُوعَ مَقْصُودُ الصَّلاةِ " انتهى .

وهذا الذي اختاره إمام الحرمين هو الذي رجحه الشيخ ابن عثيمين ، فإنه قال :

" الضابط للمشقة : ما زال به الخشوع ، والخشوع هو حضور القلب والطمأنينة ، فإذا كان إذا قام قلق قلقاً عظيماً ولم يطمئن وتجده يتمنى أن يصل إلى آخر الفاتحة ليركع من شدة تحمله : فهذا شق عليه القيام ، فيصلي قاعداً " انتهى من "الشرح الممتع" (4/326) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب