الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

والدها يمنعها من الصدقة بشيء من مصروفها، فهل تطيعه؟

503520

تاريخ النشر : 09-12-2024

المشاهدات : 402

السؤال

والدي نصراني يعطيني مخصَّصات، لكن يطلب مني ألا أتصدق بها، فهل يجوز لي أن أتصدق؟ وما حُكم إخراج زكاة الفِطر؟ عندي مجوهرات أهداها لي والدي لكن بعضها حرام ـ صلبان ـ تصلُ إلى حدّ النصاب، هل يجب علي إخراج الزكاة؟ ماذا لو كان دفع الزكاة عليهم صعب جدا بسبب بيئتي؟ على الأرجح لن يسمح لي والدي بدفع الصدقة باستخدام المجوهرات، لقد كانت مخزّنةً مع أمي مخزنة منذ طفولتي، ومنذ أن اعتنقت الإسلام، كان ذلك قبل سنة ونصف قمرية تقريبا، ملاحظة: والدي لا يحتاج إلى هذا المال. نحن في وضع مالي جيد.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا أعطاك والدك مخصصات، وطلب منك ألا تتصدقي منها، لزمك الوفاء بذلك؛ لأنها هبة مشروطة، وليس تمليكا مطلقا، فيلزم الوفاء بالشرط؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ) رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” والقاعدة عندنا في هذا: أن من أخذ من الناس أموالاً لشيء معين، فإنه لا يصرفها في غيره إلا بعد استئذانهم ” انتهى من “اللقاء الشهري” (4/9).

ثانيا:

أما زكاة الفطر، فصاع من طعام، أي ما يعادل 3 كيلو من الأرز تقريبا.

فإذا كنت تملكين هذا الصاع، زائدا عن حاجتك يوم العيد وليلة العيد، فهي واجبة عليك، وإلا وجبت على من ينفق عليك.

قال في “دليل الطالب” ص 83: ” وهي واجبة على كل مسلم، يجد ما يفضل عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته، بعد ما يحتاجه من مسكن وخادم ودابة وثياب بذلة وكتب علم.

وتلزمه عن نفسه، وعمن يمونه من المسلمين، فإن لم يجد لجميعهم بدأ بنفسه، فزوجته فرقيقه، فأمه، فأبيه، فولده، فأقرب في الميراث” انتهى.

ففي حال كونك لا تجدين هذا الصاع، فإنه يلزم والدك، وهو ملحق بالنفقة، فإن أبى إخراجه جاز أن تأخذي من ماله دون علمه؛ لحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها: ” أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَقَالَ: (خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ) رواه البخاري (5364).

ثالثا:

هل تجب نفقة المسلم على أبيه الكافر؟

في ذلك خلاف، والجمهور على أنها تجب عليه.

جاء في “الموسوعة الفقهية” (2/311): لاَ يَمْنَعُ اخْتِلاَفُ الدِّينِ وُجُوبَ نَفَقَةِ الزَّوْجِيَّةِ اتِّفَاقًا.

أَمَّا النَّفَقَةُ عَلَى الأْقَارِبِ فَيَمْنَعُهَا اخْتِلاَفُ الدِّينِ. فَلاَ يَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ نَفَقَةُ قَرِيبِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ دِينُهُمَا وَاحِدًا. وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي هَذَا فِي غَيْرِ عَمُودَيِ النَّسَبِ .

أَمَّا عَمُودَا النَّسَبِ ، وَهُمَا الأْصُول وَالْفُرُوعُ، فَفِيهِمَا اتِّجَاهَانِ:

الأْوَّل : تَجِبُ النَّفَقَةُ لَهُمْ، سَوَاءٌ اتَّفَقَ الدِّينُ أَمِ اخْتَلَفَ، وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ : الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ مَرْجُوحَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ

وَالاِتِّجَاهُ الثَّانِي: لاَ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ مَعَ اخْتِلاَفِ الدِّينِ . وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ” انتهى.

وعمودا النسب: يشمل الأصول والفروع.

فعلى مذهب الجمهور، إن لم يكن لديك صاع للفطرة، فهو على والدك.

قال النووي، رحمه الله: ” «قال أصحابنا شروط وجوب الفطرة ثلاثة الاسلام والحرية واليسار (فلاول) الإسلام فلا فطرة على كافر أصلي عن نفسه ولا عن غيره إلا إذا كان له عبد مسلم أو قريب مسلم أو متولدة مسلمة ففي وجوب فطرتهم عليه وجهان (أصحهما) يجب وهما مبنيان على أن من لزمه فطرة غيره هل تجب على المؤدي ابتداء أم على المؤدى عنه ثم يتحملها المؤدي وفيه وجهان مشهوران وقد ذكرهما المصنف في الفصل الذي بعد هذا وهناك نوضحهما إن شاء الله تعالى”. انتهى، من «المجموع شرح المهذب» (6/ 106 ط المنيرية).

وقال في الموضع المشار إليه بعد ذلك: ” وفرع الأصحاب على الخلاف في التحمل وعدمه مسائل:

(إحداها): لو كان للكافر عبد، أو مستولدة، أو قريب، مسلمون؛ فهل عليه فطرتهم؟

فيه وجهان مشهوران ذكرهما المصنف:

أصحهما عند الأصحاب: الوجوب؛ بناء على أنها على المؤدى عنه، ثم يتحملها المؤدي …

(الثانية): إذا لزمه نفقة قريب، أو زوجة، أو مملوك؛ فأداها: لم يفتقر إلى إذن المؤدَّى عنه، بلا خلاف.

ولو أداها القريب باستقراض أو غيره، أو أدتها الزوجة: فإن كان بإذن مَن لزِمته: أجزأ، بلا خلاف؛ كما لو قال لأجنبي أدِّ فطرتي، أو زكاة مالي، فأداها: فإنه يجزئ بلا خلاف.

وإن كان بغير إذنه: فثلاث طرق:

أصحها، وأشهرها، وبه قطع المصنف والجمهور: أنه مبني على التحمل، إن قلنا بالتحمل أجزأ، وإلا فلا. ووجههما ما ذكره المصنف.

والصحيح: الأجزاء. وهو نص الشافعي في المختصر، وهو مقتضى البناء المذكور…” انتهى، من «المجموع شرح المهذب» (6/ 123 ط المنيرية).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (179474)، ورقم: (369671).

ثالثا:

المجوهرات، في زكاتها تفصيل:

1-فإن كانت من غير الذهب والفضة، فلا زكاة فيها.

2-وإن كانت من ذهب أو فضة، وهي محرمة، كالتي على صور الصلبان، ففيها الزكاة اتفاقا، إذا بلغت نصابا؛ لأن الصناعة المحرمة لا عبرة بها، والذهب من غير الحلي فيه الزكاة.

جاء في “الموسوعة الفقهية” (18/ 113): ” اتفق الفقهاء على وجوب الزكاة في الحلي المستعمل استعمالا محرما، كأن يتخذ الرجل حلي الذهب للاستعمال، لأنه عدل به عن أصله بفعل غير مباح، فسقط حكم فعله، وهو صياغته صياغة محرمة، وبقي على حكم الأصل من وجوب الزكاة فيه” انتهى.

ونصاب الذهب من عيار 24 هو 85 جراما، ونصاب الذهب من عيار 21 هو 97.5 جراما، ونصاب الفضة هو 595 جراما.

فإن بلغ نصابا، فزكاته بالوزن، فتخرجين ربع العشرة، أي 2.5% من نفس الذهب، أو قيمة ذلك، دون مراعاة للمصنعية؛ لأنها صناعة محرمة.

فإن لم تجدي ما تخرجينه في الزكاة، ولم يمكنك إخراج ذلك من الذهب نفسه، فإن الزكاة تبقى دينا عليك، وليس لك أخذها من المخصصات أو من مال والدك دون علمه؛ لأن الأب لا يجب عليه إخراج زكاة ابنه أو بنته.

3-وإن كانت المجوهرات حليا من ذهب أو فضة، على شكل مباح، ففي وجوب الزكاة فيها خلاف، فالجمهور على عدم الوجوب، والحنفية على الوجوب.

فإذا لم يكن معك مال، ولا تستطيعين إخراج الزكاة من الذهب نفسه، فيسعك الأخذ بمذهب الجمهور.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب