الحمد لله.
أولا :
" قراءة القرآن عبادة من العبادات البدنية المحضة ، لا يجوز أخذ الأجرة على قراءته للميت ، ولا يجوز دفعها لمن يقرأ ، وليس فيها ثواب ، والحالة هذه ، ويأثم آخذ الأجرة ودافعها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " لا يصح الاستئجار على القراءة وإهدائها إلى الميت ، لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة، وقد قال العلماء: إن القارئ لأجل المال لا ثواب له ، فأي شيء يهدى إلى الميت؟ " انتهى.
والأصل في ذلك : أن العبادات مبنية على الحظر ، فلا تفعل عبادة إلا إذا دل الدليل الشرعي على مشروعيتها ، قال تعالى : ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ، وفي رواية : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ، أي : مردود على صاحبه ، وهذا العمل – وهو استئجار من يقرأ القرآن للميت - لا نعلم أنه فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها ، والخير كله في اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، مع حسن القصد ، قال تعالى : ( وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ) ، وقال تعالى: ( بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ، والشر كله بمخالفة ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرف القصد بالعمل لغير وجه الله "
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة".
فهذه العتاقة لا أصل لها في الشرع ، وهي بدعة مذمومة لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أرشدنا إليها ، ولم يفعلها أحد من أصحابه رضي الله عنهم ، وما كان كذلك فلا ينبغي لمؤمن أن يفعله .
ثانيا :
المشروع هو الدعاء للميت ، والصدقة عنه ، كما روى مسلم (1631) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " وَفِيهِ أَنَّ الدُّعَاء يَصِل ثَوَابه إِلَى الْمَيِّت , وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة ....وَأَمَّا قِرَاءَة الْقُرْآن وَجَعْل ثَوَابهَا لِلْمَيِّتِ وَالصَّلاة عَنْهُ وَنَحْوهمَا فَمَذْهَب الشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور أَنَّهَا لا تَلْحَق الْمَيِّت " انتهى باختصار .
وانظر السؤال رقم (12652)
فأكثر من الدعاء لوالدك ، وتصدق عنه بما تستطيع ، وإن كان لم يحج أو لم يعتمر ، وأمكن أن تحج وتعتمر عنه فافعل ، فهذا مما ينفعه بإذن الله .
ومن البر بالأب الميت : إكرام صديقه ، وصلة الرحم المتصلة به .
والمرض يجعله الله كفارة لعبده المؤمن ، كما يكون سببا لرفع درجته وعلو منزلته إن هو صبر واحتسب ، قال صلى الله عليه وسلم : ( مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ ) رواه البخاري (5642) ومسلم (2573) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
نسأل الله أن يرحم أموات المسلمين .
والله أعلم .
تعليق