الحمد لله.
أولا :
يجب العدل بين الأولاد في العطية ، ويحرم تفضيل بعضهم على البعض ، إلا أن يكون ذلك لمسوّغ شرعي من حاجة أو عذر ، كما هو مبين في الجواب رقم (22169) .
والعطية هي ما يعطيه الوالد لأولاده على سبيل الهبة والهدية ، وأما النفقة فتكون على قدر حاجة الولد ، ولا يجب فيها التسوية ، فمن احتاج إلى نفقة أخذها ، ومن لم يحتج لم يأخذ . ومعلوم أن نفقة الصغير ليست كنفقة الكبير ، ونفقة من يدرس في المراحل الأولى ليست كنفقة من يدرس في الجامعة ، ونفقة البنت ليست كنفقة الولد غالبا. ومن ذلك نفقة الزواج أيضا ، فتعطى لمن هو مقدم على الزواج ، ولا يعطى مثلها لمن لم يتهيأ له .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " فإذا فرضنا أن أحدهم في المدارس ويحتاج إلى نفقة للمدرسة من كتب ودفاتر وأقلام وحبر وما أشبه ذلك ، والآخر لا يقرأ ، وهو أكبر منه لكنه لا يحتاج ، فهل إذا أعطى الأول يجب أن يعطي الثاني مثله ؟
الجواب : لا يجب ، لأن التعديل في الإنفاق يعني أن يعطي كل واحد منهم ما يحتاج إليه .
مثاله : لو احتاج الولد الذكر إلى غترة وطاقية قيمتهما مائة ريال ، واحتاجت الأنثى إلى قروط ( الحلي الذي يجعل في الأذن ) في الآذان قيمتها ألف ريال ، فما هو العدل ؟
الجواب : العدل أن يشتري لهذا الغترة والطاقية بمائة ريال ، ويشتري للأنثى القروط بألف ريال أضعاف الذكر عشر مرات ، هذا هو التعديل .
مثال آخر : إذا احتاج أحدهم إلى تزويجه والآخر لا يحتاج ، فما العدل ؟
الجواب : أن يعطى من يحتاج إلى التزويج ولا يعطى الآخر ، ولهذا يعتبر من الغلط أن بعض الناس يزوج أولاده الذين بلغوا سن الزواج ويكون له أولاد صغار فيكتب في وصيته : إني أوصيت لأولادي الذين لم يتزوجوا أن يزوج كل واحد منهم من الثلث ، فهذا لا يجوز ؛ لأن التزويج من باب دفع الحاجات ، وهؤلاء لم يبلغوا سن التزويج ، فالوصية لهم حرام ، ولا تنفذ أيضا ، حتى الورثة لا يجوز لهم أن ينفذوها إلا البالغ الرشيد منهم إذا سمح بذلك فلا بأس بالنسبة لحقه في التركة " انتهى من "الشرح الممتع" (4/599) .
وبناء على ذلك : فإن كانت السيارة مما تحتاج إليها حاجة ظاهرة ، وليس عندك ما تشتريها به ، فهذا يدخل في النفقة ، ولا يلزم أباك أن يعطي لأختك مثلها أو قيمتها . وإن كنت لا تحتاج إليها حاجة ماسة ، أو كان لديك من الأموال ما تشتري به السيارة ، فما يعطيه لك والدك هو من باب الهبة والعطية ، فيلزمه حينئذ أن يعدل بين أولاده ، ويعطي للبنت نصف ما أعطى للذكر ، لأن العدل بينهم إنما يكون بالقسمة على حسب إرثهم ، على الراجح من قولي العلماء .
والله أعلم .
تعليق