الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

بعد الاستنجاء يحس بخروج شيء من الدبر

السؤال

بعد التغوط -أكرمكم الله- أحس بشيء يخرج من الدبر ، أحياناً يكون هناك شيء ، وأحياناً لا أجد . فسؤالي هو : هل عليّ أن أتفحص وضوئي لكل صلاة ؟ وماذا بشأن الصلوات الفائتة ؟ هل علي إعادتها ؟ مع العلم أني لا أعرف عددها .

الجواب

الحمد لله.

إذا قضى الإنسان حاجته ، واستنجى ثم توضأ ، فهو على طهارة حتى يتيقن وجود ما ينقض طهارته ، ولا ينتقض وضوؤه بمجرد الشك ، حتى ولو قوي الشك ووصل إلى غلبة الظن .

وعليه ؛ فمجرد الشعور بخروج شيء من الدبر لا يعدّ ناقضاً للوضوء ، وينبغي الحذر من الوسوسة ، وما دمت قد استنجيت ونقيّت المحل ، فلا يلزمك الفحص قبل الصلاة .

وما أديته من الصلوات لا يلزمك إعادته ، لأنك كنت على طهارة ، ولم تتيقن وجود ما ينقضها .

وقد دل على هذا الأصل ما رواه البخاري (137) ومسلم (361) عَنْ عبد الله بن زيد رضي الله عنه أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ ، فَقَالَ : ( لا يَنْصَرِفْ ، حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا ) .

قال النووي رحمه الله : " وَهَذَا الْحَدِيث أَصْل مِنْ أُصُول الإِسْلام ، وَقَاعِدَة عَظِيمَة مِنْ قَوَاعِد الْفِقْه , وَهِيَ أَنَّ الأَشْيَاء يُحْكَم بِبَقَائِهَا عَلَى أُصُولهَا حَتَّى يُتَيَقَّن خِلاف ذَلِكَ ، وَلا يَضُرّ الشَّكّ الطَّارِئ عَلَيْهَا .

فَمِنْ ذَلِكَ : المَسْأَلَة الَّتِي وَرَدَ فِيهَا الْحَدِيث ، وَهِيَ أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَة وَشَكَّ فِي الْحَدَث حُكِمَ بِبَقَائِهِ عَلَى الطَّهَارَة , وَلا فَرْق بَيْن حُصُول هَذَا الشَّكّ فِي نَفْس الصَّلاة , وَحُصُوله خَارِج الصَّلاة . هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف ... قَالَ أَصْحَابنَا : وَلا فَرْق فِي الشَّكّ بَيْن أَنْ يَسْتَوِي الاحْتِمَالانِ فِي وُقُوع الْحَدَث وَعَدَمه , أَوْ يَتَرَجَّح أَحَدهمَا , أَوْ يَغْلِب عَلَى ظَنّه , فَلا وُضُوء عَلَيْهِ بِكُلِّ حَال " انتهى من "شرح مسلم".

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عند ما أتبول وأتوضأ ثم أصلي أحس بخروج شيء من ذكري، ولو فتشت عن ذلك لوجدت أنه قد خرج بعض البول، فما الحل ؟

فأجاب : "لا شك أن الله عز وجل من حكمته أنه جعل للبول والغائط ما يمسكه من الأعصاب القوية التي تشد عليه حتى لا يخرج منه شيء، لكن قد تصاب هذه الأعصاب بمرض فتسترخي فيخرج البول، إما باستمرار، وإما في وقت دون آخر، وقد يكون الإنسان نفسه هو السبب في ذلك، فإن من الناس من إذا انتهى من البول أمسك مجاري البول من عند الدبر إلى رأس الذكر يسلتها سلتاً، ومن الناس من يبقى يتعصر حتى يخرج آخر قطرة من البول، وهذا غلط، حتى وإن كان بعض الفقهاء يقولون: إنه يسن السلت والنتر فإنه قول ضعيف، بل هو بدعة كما نص على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكما هو ظاهر من السنة، فالرسول عليه الصلاة والسلام ما حفظ عنه أبداً أنه يسلت مجاري البول من عند الدبر إلى رأس الذكر أبداً، ولا أنه يتعصر وينتر الذكر أبداً، لكن بعض الناس يفعل هذا؛ إما تقليداً لقول من قاله من الفقهاء ، وإما لأنه يتوهم أنه إذا لم يفعل هذا يبقى البول في ذكره، وهذا غلط. إذا بال الإنسان فليغسل رأس الذكر فقط وكفى، ولا حاجة لأن يعصر القصبة أبداً ولا يحركها، بل يغسل رأس الذكر الذي أصابه البول، وينتهي كل شيء، لو اعتاد الإنسان هذا لما حصل له هذا المرض الذي تسبب له هو. فنصيحتي لهذا الأخ: أن يُعْرِض عن هذا، ولا يلتفت إليه، ولا ينتر الذكر ولا يسلته، بل يدعه على طبيعته، فإذا خرجت آخر نقطة غسل رأس الذكر، ربما يحس الإنسان بحركة في ذكره، فليس عليه أن ينظر؛ لأن بعض الناس إذا أحس بحركة أرخى سراويله وجعل يعصر ذكره من فوق، إذا عصره فلابد أن يخرج شيء، لكن دعه ولا تلتفت له، حتى إن بعض العلماء رحمهم الله قال: إنه في هذا الحال إذا ابتلي بهذا الوسواس يرش على سراويله الماء من أجل إذا فكر أو شك يحمل ذلك على هذا الماء، لكن نحن نقول: لا حاجة لهذا، هذا تكلف، أعرض عن هذا ، ولا تشتغل به ، ويزول عنك بإذن الله، ولا تذهب إذا أحسست ببرودة في رأس الذكر ، أو أحسست بحركة في داخل الذكر لا تذهب لتنظر، دع هذا " انتهى من "اللقاء الشهري".

 والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب