الثلاثاء 9 رمضان 1445 - 19 مارس 2024
العربية

حكم إجراء عملية لتطويل القامة

161799

تاريخ النشر : 01-03-2011

المشاهدات : 40051

السؤال

لدي مشكلة في النمو ، فأنا لم أنم بشكل جيد، إنني في منتصف العشرينات من عمري ، وطولي يشعرني بالاكتئاب ، أعرف أن هذه ليست مشكلة رئيسية للكثيرين ، ولكنها كذلك بالنسبة لي ؛ فطولي تحت نسبة القصر المعتادة ، فهل يجوز لي أن أزيد من طولي من خلال عملية تجميل؟

الجواب

الحمد لله.


تطويل القامة يتم عن طريق الهرمونات ومعالجة مسببات القصر والتقزم ، ويتم عن طريق الجراحة ، ولا حرج في استعمال الطريق الأول .
وأما الجراحة فإنها تعتمد على كسر العظم ، ويحيط بها مخاطر واحتمال تليف العضلات أو حدوث الالتهابات ، والأصل تحريم إلحاق الإنسان الضرر بنفسه ، إلا إذا كان لغرض التداوي.
قال ابن حزم رحمه الله :
" واتفقوا أنه لا يحل لأحد أن يقتل نفسه ، ولا أن يقطع عضوا من أعضائه ، ولا أن يؤلم نفسه في غير التداوي بقطع العضو الألِم [ يعني : المصاب بالألم ] خاصة " انتهى من "مراتب الإجماع" ص 157
وهذه المسألة بحثها الدكتور صالح بن محمد الفوزان حفظه الله في رسالته للدكتوراة ، التي عنوانها : "الجراحة التجميلية عرض طبي ودراسة فقهية مؤصلة" وانتهى فيها إلى التحريم .
ومما جاء في ذلك : " ويظهر لي حرمة إجراء العملية لهذا الغرض ، وذلك لما يلي :
1- أن تطويل القامة بهذه التقنية تعتمد على إحداث كسر في عظم صحيح ، وهذا يتنافى مع ما تقرر من حرمة بدن المعصوم وعدم جواز الاعتداء عليه بأي وسيلة ما لم يكن ذلك لحاجة التداوي ، وأما مجرد الرغبة في طول القامة فليس مسوغا كافيا في انتهاك هذه الحرمة .
وقد جاء ما يدل على حرمة الاعتداء على العظام بالكسر في مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( كسر عظم الميت ككسره حيا ) ففي هذا الحديث تشبيه لكسر عظم الميت بكسر عظم الحي ، وهذا يدل على أن حرمة كسر عظم الحي حكم قطعي متقرر ، ولذا شبه كسر عظم الميت به ، والمراد التشبيه في أصل الحرمة لا في مقدارها ؛ إذ الجناية على عظم الميت ليست كالجناية على عظم الحي في القصاص والدية بالإجماع .
ب- أن قصر القامة يعد شيئا معتادا في أوساط الناس ، ولا يعد عيبا في الغالب ، والجراحة لتغيير خِلقة معهودة قد تكون من تغيير خلق الله تعالى الذي جاءت النصوص بتحريمه كما تقدم.
ولو سلمنا بأن القصر خِلقة غير معهودة ، فإنه لن يتم علاجه وتحويله إلى خلقة معهودة ؛ ذلك أن مظهر الجسم لن يكون متناسقا ؛ إذ يقع التطويل في الأطراف السفلى بينما تكون بقية الأعضاء قصيرة بشكل لافت ، مما يجعل الجسم يبدو في هيئة غير معتادة ، فليس في هذه الجراحة تحويل للخلقة غير المعهودة إلى خلقة معهودة ، وإذا لم يكن التطويل علاجا للتشوّه فليس له مسوغ شرعي لما يشتمل عليه من كسر للعظم الصحيح دون حاجة .
ج - ما تقدم من المضاعفات الخطرة لهذه الجراحة ، كالالتهابات والآلام الشديدة لمدة طويلة ، وتليّف العضلات ، مع احتمال اختلال هذا الجهاز ، فضلا عن عدم تناسق الجسم ، وهذا كله لا يجوز الإقدام عليه لمجرد الرغبة في الظهور بمظهر أجمل وزيادة عدة سنتيمترات في الطول " انتهى من "الجراحة التجميلية" ص 322
وبناء على ذلك : ينبغي ألا يقلقك أمر القصر ، وأن تعلم أن جمال الإنسان بخلقه وحسن تعامله ، وقيمة المرء بما يحسنه من أعمال لا بمظهره ، فوطن نفسك على الرضا بما أنت فيه مما قدره الله عليك ، وانظر إلى من هو دونك في الخلق والمنظر لترى نعمة الله عليك .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب