الثلاثاء 9 رمضان 1445 - 19 مارس 2024
العربية

ما هو المركب الهنيء الذي يُعدّ من سعادة المرء؟

السؤال


في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أَرْبَعٌ مِنَ السَّعَادَةِ : الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ ، وَالْجَارُ الصَّالِحُ ، وَالْمَرْكَبُ الهنيء . السؤال : ما معنى المركب الهنيء ؟ هل كان المقصود به في ذلك الوقت الخيل أم الجمل ؟ وما هو المركوب السيئ ؟

الجواب

الحمد لله.


روى ابن حبان في صحيحه (4032) وأحمد في مسنده (1448) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أربع من السعادة : المرأة الصالحة ، والمسكن الواسع ، والجار الصالح ، والمركب الهنيء ، وأربع من الشقاوة : الجار السوء ، والمرأة السوء ، والمسكن الضيق ، والمركب السوء ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (282) .
وتقدم في السؤال رقم (120807) أن المقصود بالسعادة في الحديث سعادة الدنيا ، من راحة الأبدان وصلاح الحال ، والمقصود بالشقاوة فيه نكد الدنيا وتعبها وحصول التنغيص فيها .
والمقصود بالمركب الهنيء المركب السهل الذي تصل به إلى المكان الذي تريده بسهولة ويسر بلا تعب ولا مشقة ، وقد تهيأ لك أثناء ركوبك إياه وسفرك به الوقت السانح لذكر الله ؛ لما أنعم الله به عليك من سهولته وطواعيته وانقياده .
بخلاف المركب السوء الذي يتعبك ويرهقك ، ولا تصل به إلى المكان الذي تريده إلا بالمشقة والتعب ، وربما تأخر بك عن ركب تريد اللحاق به ، وقد أضجرك وشغلك ببطئه أو جموحه ونفوره عن ذكر الله وتلاوة القرآن .
وقد رواه الحاكم (2684) ولفظه : ( ثلاث من السعادة وثلاث من الشقاوة : فمن السعادة : المرأة تراها تعجبك ، وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك ، والدابة تكون وطيئة فتلحقك بأصحابك ، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق ، ومن الشقاوة : المرأة تراها فتسوءك ، وتحمل لسانها عليك ، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك ، والدابة تكون قَطوفا فإن ضربتها أتعبتك ، وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك ، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق ) .
وحسنه الألباني في "الصحيحة" (1047) .
قال المناوي رحمه الله في " فيض القدير " (3/442) :
" (والدابة تكون وطيئة) أي هنية سريعة المشي سهلة الانقياد (فتلحقك بأصحابك) بلا تعب ولا مشقة في الإحثاث ... (والدابة تكون قطوفا) القطوف من الدواب البطيء (فإن ضربتها) لتسرع بك ( أتعبتك ، وإن تركتها ) تمشي بغير ضرب ( لم تلحقك بأصحابك) أي رفقتك بل تقطعك عنهم " انتهى .
وقال أيضا :
" (والمركب الهنيء) أي الدابة السريعة السير غير الجموح والنفور ، والخشنة المشي التي يخاف منها السقوط وانزعاج الأعضاء وتشويش البدن " انتهى من " فيض القدير" ( 3 /399 ) .
وقال الطحاوي رحمه الله :
" ( الْمَرْكَبِ الْهَنِيءِ ) يَكُونَ ذلك بِرَفْعِ الشُّغْلِ عن قَلْبِهِ وَيَكُونَ في رُكُوبِهِ على أَحَدِ وَجْهَيْنِ : إمَّا مُتَشَاغِلاً بِذِكْرِ رَبِّهِ عز وجل ، وَإِمَّا غير مَشْغُولِ الْقَلْبِ بِمَا يُؤْذِيهِ من مَرْكَبِهِ " .
انتهى من " شرح مشكل الاثار " ( 7 /212 ) .
فكان المقصود بالمركب في الحديث أولا كل ما يُركب من الدواب ، كالخيل والبغال والحمير والجمال ، ويدخل معهم أيضا السفن ، قال تعالى : ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) النحل/ 8 ، وقال تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ) إبراهيم/ 32 .
أما اليوم فهو يشمل ذلك أيضا ، كما يشمل ما قام مقامه من السيارات ونحوها من المراكب الحديثة .
ولذلك يُشرع عند ركوبها أن يقول الإنسان ذكر ركوب الدابة ، وإذا كان الله تعالى قد امتن على عباده بالخيل والبغال والحمير ، فمنّته بهذه المركبات الحديثة أعظم وأولى بالشكر .
فحكم الكل سواء .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب