الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

هل تشرع الإقامة مثنى مثنى؟

السؤال

هل هناك مانع شرعي من أن تكون الإقامة للصلاة مثل كيفية الأذان مع إضافة ( قد قامت الصلاة ) مرتين ، أي : أن تكون الإقامة بهذه الكيفية: ( الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ) وهل هذه الطريقة من مذهب الإمام أبي حنيفة ؟

الجواب

الحمد لله.


ثبتت إقامة الصلاة بألفاظ متنوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، منها :
إفراد ألفاظها ، ما عدا التكبير في أولها وآخرها ، يكون مرتين ، وقول قد قامت الصلاة ، يكون مرتين أيضاً ، فيكون عدد كلماتها (11 ) كلمة ، وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة ، وهو قول المالكية إلا أنهم يفردون أيضا ( قد قامت الصلاة ) .
انظر : "المغني" (2/59) ، "المدونة" (1/179)
وهذه هي إقامة بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم .
ففي حديث عبد الله بن زيد في الأذان :
( قَالَ : ثُمَّ استَأخَرَ عَنِّي غَيرَ بَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ : ثُمَّ تَقُولُ إِذَا أَقَمتَ الصَّلَاةَ : اللَّهُ أَكبَرُ اللَّهُ أَكبَرُ ، أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، أَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ ، قَد قَامَتِ الصَّلَاةُ ، قَد قَامَتِ الصَّلَاةُ ، اللَّهُ أَكبَرُ اللَّهُ أَكبَرُ ، لَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ . فَلَمَّا أَصبَحتُ أَتَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَأَخبَرتُهُ بِمَا رَأَيتُ ، فَقَالَ : إِنَّهَا لَرُؤيَا حَقٍّ إِن شَاءَ اللَّهُ) رواه أبو داود (499) وقال الألباني : حسن صحيح .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( أُمِرَ بِلَالٌ أَن يَشفَعَ الأَذَانَ وَأَن يُوتِرَ الإِقَامَةَ إِلَّا الإِقَامَة ) رواه البخاري (605) ومسلم (378) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( إِنَّمَا كَانَ الأَذَانُ عَلَى عَهدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَينِ مَرَّتَينِ ، وَالإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً ، غَيرَ أَنَّه يَقُولُ : قَد قَامَتِ الصَّلَاةُ قَد قَامَتِ الصَّلَاةُ ) رواه أبو داود (510) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
ومنها : أن تكون ألفاظ الإقامة كألفاظ الأذان تماماً ، ويزيد عليها قد قامت الصلاة مرتين
فتكون كلماتها سبع عشرة كلمة ، وهذا مذهب الحنفية وقولٌ للشافعية .
انظر : "المبسوط" (1/219) .
وهذه إقامة أبي محذورة رضي الله عنه ، التي علمه إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فعن أبي محذورة رضي الله عنه : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ الْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) رواه أبو داود (502) والترمذي (192) وصححه الألباني .
وكل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو سنة ، ينبغي العمل به ، فلا حرج أن يقيم المؤذن بإقامة بلال أو إقامة أبي محذورة ، رضي الله عنهما ، وإن كان الأكمل أن يفعل هذه تارة ، وهذه تارة أخرى ، حتى يكون قد عمل بالسنة كلها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن الأحاديث التي فيها جواز الإقامة بهاتين الصيغتين :
"وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالصَّوَابُ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ ، وَهُوَ تَسْوِيغُ كُلِّ مَا ثَبَتَ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، لَا يَكْرَهُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، إذْ تَنَوُّعُ صِفَةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ كَتَنَوُّعِ صِفَةِ الْقِرَاءَاتِ وَالتَّشَهُّدَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَكْرَهَ مَا سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ . وَأَمَّا مَنْ بَلَغَ بِهِ الْحَالُ إلَى الِاخْتِلَافِ وَالتَّفَرُّقِ حَتَّى يُوَالِيَ وَيُعَادِيَ وَيُقَاتِلَ عَلَى مِثْلِ هَذَا وَنَحْوِهِ ، مِمَّا سَوَّغَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهَؤُلَاءِ مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دَيْنَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا . وَمِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ فِي مِثْلِ هَذَا : أَنْ يُفْعَلَ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً ، وَهَذَا فِي مَكَانٍ وَهَذَا فِي مَكَانٍ ; لِأَنَّ هَجْرَ مَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَمُلَازِمَةَ غَيْرِهِ قَدْ يُفْضِي إلَى أَنْ يَجْعَلَ السُّنَّةَ بِدْعَةً ، وَالْمُسْتَحَبَّ وَاجِبًا ، وَيُفْضِيَ ذَلِكَ إلَى التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ إذَا فَعَلَ آخَرُونَ الْوَجْهَ الْآخَرَ . فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُرَاعِيَ الْقَوَاعِدَ الْكُلِّيَّةَ الَّتِي فِيهَا الِاعْتِصَامُ بِالسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ " انتهى باختصار.
"مجموع الفتاوى" (21/66) .
وقال أيضاً :
"لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَتَّخِذَ قَوْلَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ شِعَارًا يُوجِبُ اتِّبَاعَهُ ، وَيَنْهَى عَنْ غَيْرِهِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ ; بَلْ كُلُّ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ فَهُوَ وَاسِعٌ : مِثْلُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَة . . .
فَمَنْ شَفَعَ الْإِقَامَةَ فَقَدْ أَحْسَنَ ، وَمَنْ أَفْرَدَهَا فَقَدْ أَحْسَنَ ، وَمَنْ أَوْجَبَ هَذَا دُونَ هَذَا فَهُوَ مُخْطِئٌ ضَالٌّ ، وَمَنْ وَالَى مَنْ يَفْعَلُ هَذَا دُونَ هَذَا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ فَهُوَ مُخْطِئٌ ضَالٌّ" انتهى باختصار.
"مجموع الفتاوى" (22/46) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب