هل إذا سلم الإمام تسليمة واحدة ؛ هل يجوز أن أسلم تسليمتين؟ علما أن المجلس العلمي للمغرب أقر بالتسليمة الواحدة في جميع المساجد
الحمد لله.
ينبغي للإمام أن لا يقتصر على تسليمة واحدة في الصلاة ، لأن التسليمة الثانية مشروعة ، وفعلها أفضل ، بل ذهب الإمام أحمد وبعض المالكية إلى وجوبها ، وأن الصلاة لا تصح بدونها ، وإن كان جمهور العلماء على أن التسليمة الثانية سنة مستحبة .
وعلى قول الجمهور ؛ فالاقتصار على تسليمة واحدة لا يبطل الصلاة .
وإذا سلم الإمام تسليمة واحدة ، فلا حرج على المأموم أن يسلم الثانية ، لأن فعل ذلك أكمل وأحوط ، وخروجا من خلاف من أوجبها .
ومشهور مذهب الإمام مالك أن المأموم يسلم ثلاث تسليمات ، كما سيأتي .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (3/462) : "الصحيح في مذهبنا أن المستحب أن يسلم تسليمتين , وبهذا قال جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم حكاه الترمذي والقاضي أبو الطيب وآخرون عن أكثر العلماء . وحكاه ابن المنذر عن أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وعمار بن ياسر ونافع بن عبد الحارث رضي الله عنهم , وعن عطاء بن أبي رباح وعلقمة والشعبي وأبي عبد الرحمن السلمي التابعين , وعن الثوري وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي .
وقالت طائفة : يسلم تسليمة واحدة ، قاله ابن عمر وأنس وسلمة بن الأكوع وعائشة رضي الله عنهم والحسن وابن سيرين وعمر بن عبد العزيز ومالك والأوزاعي . قال ابن المنذر : وقال عمار بن أبي عمار : كان مسجد الأنصار يسلمون فيه تسليمتين ومسجد المهاجرين يسلمون فيه تسليمة , وقال ابن المنذر: وبالأول أقول.
ثم قال النووي : مذهبنا : الواجب تسليمة واحدة , ولا تجب الثانية وبه قال جمهور العلماء أو كلهم . قال ابن المنذر : أجمع العلماء على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة , وحكى الطحاوي والقاضي أبو الطيب وآخرون عن الحسن بن صالح أنه أوجب التسليمتين جميعا , وهي رواية عن أحمد وبهما قال بعض أصحاب مالك والله أعلم " انتهى باختصار .
وقال ابن قدامة رحمه الله : "ويشرع أن يسلم تسليمتين عن يمينه ويساره .
لما روى ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسلم حتى يرى بياض خده , عن يمينه ويساره ) ، وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه , ثم يسلم على أخيه من على يمينه وشماله) . رواهما مسلم . وفي لفظ لحديث ابن مسعود : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه : السلام عليكم ورحمة الله , وعن يساره : السلام عليكم ورحمة الله) . قال الترمذي : حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح" انتهى باختصار من "المغني" (1/323) .
ومذهب الإمام مالك كما في "مواهب الجليل" (1/526) أن المأموم يسلم ثلاث تسليمات : الأولى عن يمينه للخروج من الصلاة ، والثانية ينوي بها السلام على الإمام ، والثالثة ينوي بها السلام على من على يساره ، وقد أنكر هذا القول القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله ، واختار أن التسليمة الثانية يقصد بها الإمام والمأمومين معا ، وأن الثالثة بدعة ، قال رحمه الله: " يسلم اثنتين : واحدة عن يمينه ، يعتقد بها الخروج من الصلاة ، والثانية عن يساره يعتقد بها الرد على الإمام والمأمومين , والتسليمة الثالثة احذروها ، فإنها بدعة ، لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة" انتهى من "مواهب الجليل" .
والحاصل : أن المستحب أن يسلم المصلي إماما كان أو مأموما تسليمتين ، فإن اقتصر الإمام على تسليمة واحدة ، استحب للمأموم أن يسلم تسليمتين ، واحدة عن يمينه ، والثانية عن يساره .
والله أعلم .