هل يوظف نساء لاستقبال المراجعين في المستوصف الطبي؟
عندي مستوصف طبي خاص ، فهل يجوز لي أن أوظف نساء لاستقبال المراجعين ؟
الجواب
الحمد لله.
إذا كان سيتم فصل النساء عن الرجال في المستوصف ، وتعمل هذه الموظفة في القسم
النسائي ، ولا تختلط بالرجال ، ولا تستقبلهم ، ولا تتحدث معهم ، فلا حرج من عملها
في هذا القسم .
أما إذا كانت ستستقبل الرجال والنساء ، وتتحدث معهم ، وتجلس بجوار الرجال العاملين
معها في المستوصف ، فإن عملها لا يجوز ، لما يؤدي إليه هذا العمل من نزع الحياء
عنها شيئاً فشيئاً ، ولا بد ، وتعريضها وتعريض الرجال العاملين معها وغيرهم للفتنة
، والواجب : سد باب الفتنة ، ودفعها قبل أن تقع ، والبلاد التي اختلطت نساؤها
برجالها في العمل - الإسلامية وغيرها – قد انتهى أمرها إلى ما هو معلوم من الشر
والفساد ، وكثرة اللقطاء وحالات الطلاق بسبب العلاقات المحرمة ، والتي كان من أكبر
أسبابها اختلاط النساء بالرجال .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
هل يجوز العمل للفتاة في مكان مختلط مع الرجال - علماً بأنه يوجد غيرها من الفتيات
في نفس المكان - ؟ .
فأجاب :
" الذي أراه أنه لا يجوز الاختلاط بين الرجال النساء بعمل حكومي ، أو بعمل في قطاع
خاص ، أو في مدارس حكومية ، أو أهلية ؛ فإن الاختلاط يحصل فيه مفاسد كثيرة ، ولو لم
يكن فيه إلا زوال الحياء للمرأة وزوال الهيبة من الرجال ؛ لأنه إذا اختلط الرجال
والنساء أصبح لا هيبة عند الرجال من النساء ، ولا حياء عند النساء من الرجال ، وهذا
( أعني الاختلاط بين الرجال والنساء ) خلاف ما تقتضيه الشريعة الإسلامية ، وخلاف ما
كان عليه السلف الصالح ، ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للنساء مكاناً
خاصاً إذا خرجن إلى مصلى العيد لا يختلطن بالرجال ، كما في الحديث الصحيح أن النبي
صلى الله عليه وسلم حين خطب في الرجال نزل وذهب للنساء فوعظهن وذكَّرهن ، وهذا يدل
على أنهن لا يسمعن خطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أو إن سمعن لم يستوعبن ما
سمعنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( خير صفوف النساء آخرها ، وشرها أولها ، وخير صفوف الرجال أولها ، وشرها
آخرها ) ؟ وما ذاك إلا لقرب أول صفوف النساء من الرجال فكان شر الصفوف ، ولبعد آخر
صفوف النساء من الرجال فكان خير الصفوف ، وإذا كان هذا في العبادة المشتركة فما
بالك بغير العبادة ، ومعلوم أن الإنسان في حال العبادة أبعد ما يكون عما يتعلق
بالغريزة الجنسية ، فكيف إذا كان الاختلاط بغير عبادة ؟ فالشيطان يجري من ابن آدم
مجرى الدم ، فلا يبعد أن تحصل فتنة وشر كبير في هذا الاختلاط ، والذي أدعو إليه
إخواننا أن يبتعدوا عن الاختلاط ، وأن يعلموا أنه من أضر ما يكون على الرجال ، كما
قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء )
.
فنحن والحمد لله - نحن المسلمين - لنا ميزة خاصة يجب أن نتميز بها عن غيرنا ، ويجب
أن نحمد الله - سبحانه وتعالى – أن منَّ علينا بها ، ويجب أن نعلم أننا متبعون لشرع
الله الحكيم ، الذي يعلم ما يصلح العباد والبلاد ، ويجب أن نعلم أن من نفروا عن
صراط الله عز وجل وعن شريعة الله فإنهم على ضلال ، وأمرهم صائر إلى الفساد ، ولهذا
نسمع أن الأمم التي كان يختلط نساؤها برجالها أنهم الآن يحاولون بقدر الإمكان أن
يتخلصوا من هذا ، ولكن أنَّى لهم التناوش من مكان بعيد ، نسأل الله تعالى أن يحمي
بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء وشر وفتنة "
انتهى
.
"فتاوى إسلامية" (3/93 ، 94)
.
وقال الشيخ الفوزان حفظه الله :
" عمل المرأة يجب أن يكون في حدود المشروع ، وأن يكون بعيداً عن الفتنة ، وبعيداً
عن الاختلاط بالرجال غير المحارم ، فلا يكون كما عليه النساء الكافرات والمشتبهات
بهن من نساء المسلمين ، فيجب الابتعاد عن هذا العمل الذي يجر إلى الفتنة ويوقع في
المحذور ، تعمل المرأة ما يليق بها في غير فتنة ومع التحفظ والاحتشام "
انتهى .
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (4/28) .
فالاختلاط بين الرجال والنساء محرم ، وفي جواب السؤال رقم (
1200 ) ذكرنا الأدلة على ذلك من
الكتاب والسنة ، وبعض الدراسات المعاصرة التي تثبت خطورة الاختلاط وآثاره السيئة ،
حتى على الشريفات العفيفات .
والله أعلم .