من أتى بهيمة عزر وقتلت البهيمة
هل يجوز أكل لحم شاة اعتدى عليها شخص جنسيا ؟وهل يجوز شرب حليبها؟
الجواب
الحمد لله.
البهيمة التي يعتدى عليها بالوطء ، تقتل ، ولا يؤكل لحمها ، فإن كانت للواطيء فهي
هدر ، وإن كانت لغيره لزمه ضمانها .
وأما الفاعل فإنه يعزّر ، وقيل : يقتل ؛ لحديث ورد في ذلك لكنه ضعيف .
روى الترمذي (1455) وأبو داود (4464) وابن ماجه (2564) عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ
عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( مَنْ وَجَدْتُمُوهُ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا
الْبَهِيمَةَ ) فَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ : مَا شَأْنُ الْبَهِيمَةِ ؟ قَالَ : مَا
سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ
شَيْئًا ، وَلَكِنْ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ كَرِهَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْ لَحْمِهَا
أَوْ يُنْتَفَعَ بِهَا وَقَدْ عُمِلَ بِهَا ذَلِكَ الْعَمَلُ . والحديث ضعفه أبو
داود والطحاوي ، وقال الترمذي عقبه : " وقد روى سفيان الثوري عن عاصم عن أبي رزين
عن ابن عباس أنه قال : ( من أتى بهيمة فلا حد عليه ) حدثنا بذلك محمد بن بشار حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان الثوري ، وهذا أصح من الحديث الأول ، والعمل على
هذا عند أهل العلم وهو قول أحمد وإسحاق ".
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (24/33) : " ذهب جماهير الفقهاء إلى أنه لا حد على من
أتى بهيمة لكنه يعزر , لما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : من أتى
بهيمة فلا حد عليه . ومثل هذا لا يقوله إلا عن توقيف , ولأن الطبع السليم يأباه فلم
يحتج إلى زجر بحد . وعند الشافعية قول : إنه يحد حد الزنى وهو رواية عن أحمد , وعند
الشافعية قول آخر : بأنه يقتل مطلقا محصنا كان أو غير محصن ... ومذهب جمهور الفقهاء
( الحنفية والمالكية والشافعية ) أنه لا تقتل البهيمة , وإذا قتلت فإنها يجوز أكلها
من غير كراهة إن كانت مما يؤكل عند المالكية والشافعية , ومنع أبو يوسف ومحمد أكلها
. وقالا : تذبح وتحرق . وأجازه أبو حنيفة , وقد صرح الحنفية بكراهة الانتفاع بها
حية وميتة .
وذهب الحنابلة إلى أن البهيمة تقتل سواء كانت مملوكة له أو لغيره . وسواء كانت
مأكولة أو غير مأكولة . وهذا قول عند الشافعية , لما روى ابن عباس مرفوعا قال : (من
وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة) . وعند الشافعية قول آخر : إنها تذبح إن
كانت مأكولة , وصرحوا بحرمة أكلها إن كانت من جنس ما يؤكل " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " فلو أولج الإنسان في بهيمة عزّر ، وقتلت
البهيمة على أنها حرام جيفة ، فإن كانت البهيمة له فاتت عليه ، وإن كانت لغيره وجب
عليه أن يضمنها لصاحبها . وقيل إن من أتى بهيمة قتل لحديث ورد في ذلك أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : ( من وجدتموه على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة ) وهذا عام
أخذ به بعض أهل العلم ، وقالوا : إن فرج البهيمة لا يحل بحال ، فيكون كاللواط ،
ولكن الحديث ضعيف ، ولهذا عدل أهل العلم لمّا ضعف الحديث عندهم إلى أخف الأمرين ،
وهو قتل البهيمة ، وأما الآدمي فلا يقتل ؛ لأن حرمته أعظم ، ولكن يعزر لأن ذلك
معصية ، والقاعدة العامة أن التعزير واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة "
انتهى من "الشرح الممتع" (14/245).
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (9/60) : " واختلف في علة قتلها , فقيل :
إنما قتلت لئلا يعير فاعلها , ويذكر برؤيتها . وقد روى ابن بطة بإسناده عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من وجدتموه على بهيمة فاقتلوه ، واقتلوا البهيمة .
قالوا : يا رسول الله ما بال البهيمة ؟ قال : لا يقال هذه وهذه) . وقيل : لئلا تلد
خلقا مشوها . وقيل : لئلا تؤكل . وإليها أشار ابن عباس في تعليله " انتهى .
وبهذا يعلم أن الشاة الموطوءة لا ينتفع بلبنها ولا تترك ، بل تقتل ويتخلص منها .
والله أعلم .