حكم الانحراف عن القبلة ب 30 درجة
نعيش والحمد لله ببلدة صغيرة بأمريكا بالقرب من مدينة نيويورك واستطعنا تجميع الأموال اللازمة لشراء كنيسة ونحولها الآن إلى مسجد ، والمبنى مائل ولهذا فإن أحد الجدران يتجه نحو الشرق ويبعد عن القبلة بثلاثين درجة (نحو الشمال الشرقي) كما قال موقع : ( qiblalocator.com) .
وبعد قراءة إجابة السؤال رقم 101449 قررنا أن نصلى بمحاذاة الجدار لنسهل عملية الوقوف في الصف ولتجنب المشقة عندما تزداد أعداد المصلين بمرور السنين ، ومع هذا فهناك قلق يساور بعض الإخوة من بطلان صلاتنا جراء ذلك ، وتبعا لفهمي لإجابتكم ولإجابة مماثلة من الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله (فتاوى أركان الإسلام) ، فقد اقترحتُ أن نصلي بمحاذاة الجدار ، وكان اقتراحي قائماً على فكرة أن الصلاة في هذا الاتجاه لن يبطل الصلاة حتى وإن كانت الصلاة تجاه القبلة الحقيقية أفضل .
وأنا أدرك أنه من الصعب الإجابة على هذه الأسئلة دون رؤية البناء أو خريطة له ولهذا فسأقدر وأتقبل أي معلومات تقدموها توضح أن الصلاة نحو الجدار يمكن أن تبطل الصلاة .
وليست نيتنا أن نغضب الله لكننا ننشد سبيل اليسر إذا كان متاحاً أمامنا وفى نفس الوقت فإننا لا نريد أن نذعن لضغوط هؤلاء الأشخاص حتى وإن كانت نواياهم حسنة فهم لا يعرفون الفرق بين طلب النصيحة من شخص عادي وبين سؤال عالم عن أحد الأحكام .
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
نسأل الله تعالى أن يبارك في جهودكم ، وأن يستعملكم في طاعته ، وأن يزيدكم علماً
وهدى وتوفيقاً .
ثانياً :
إذا كان الانحراف عن القبلة 30 درجة كما ذكرت ، فصلاتكم صحيحة ؛ لأن الفرض في حقكم
هو استقبال الجهة ، وهذا الانحراف لا يخرجكم عن استقبال الجهة .
وقد نص الفقهاء على أن الانحراف اليسير لا يضر ، وبَيَّنوا أن الانحراف الكثير هو
الانحراف عن الجهة .
قال الدردير في "الشرح الكبير" (1/227) : " والانحراف الكثير أن يُشَرِّق أو يغرّب
، نصّ عليه في المدونة [يعني : الإمام مالك رحمه الله]"
انتهى .
وهذا في حق أهل المدينة النبوية ، ومن كان في شمال أو جنوب مكة ، فإنهم إن شَرَّقوا
أو غَرَّبوا ، فقد انحرفوا عن القبلة انحرافاً كبيراً لا تصح معه الصلاة .
وأما من كان في الغرب كأهل أمريكا ، فإن جهة القبلة بالنسبة إليهم هي الشرق ، فإن
انحرفوا عنها إلى جهة الشمال أو الجنوب ، أو استدبروها ، لم تصح صلاتهم .
والأصل في ذلك : ما رواه الترمذي ( 342 ) وابن ماجه ( 1011 ) من حديث أبي هريرة رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ
وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ ) وصححه الألباني في
"إرواء الغليل" (292)، وينظر جواب
السؤال رقم (7535) .
ومع هذا ؛ فالأولى والأفضل تعديل قبلة المسجد ، أو تعديل الصفوف ، بحيث يستقبل
المصلون القبلة دون انحراف ، وأما تسهيل عملية الوقوف في الصف واستقامته ، فيمكن
ذلك بوضع خطوط على الأرض يستقيم عليه المصلون .
ولا ينبغي الالتفات إلى زيادة عدد المصلين مستقبلاً ، فإنه عند زيادتهم ، يصلون
خارج المسجد أو يسعون لتوسعته ، وحيث أمكن المصلين التوجه إلى القبلة من غير انحراف
فهذا أكمل ، مع ما فيه من تقليل للخلاف ، وإزالة للشبهة .
فنوصيكم بالعمل على ذلك ، وجمع كلمة المسلمين ، والرفق بهم ، وإعانتهم على الطاعة ،
ومن أشرفها : الصلاة مع الجماعة .
ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .