يعاني من الوسوسة وقد ترك الصلاة
قد تقولون بأني مجنون لكن الله يعلم بحالي ، والله أعيش في عذاب ، فيما يخص الإحساس بالشرك في الأقوال والأعمال فلقد ساءت حالتي كثيراً ؛ فقد أصبحت لا أنام ، ولا شهية لي في المأكل ، فلم أجد من يقف بجانبي ، قد يخيل للبعض أن الأمر هين ، تقول لشيخ : إني مصاب بالوسواس ، فيقول : لا تلتفت إليه ، فهذا أمر صعب ، والله لأني على بكاء طوال الوقت ، ولا أدري ما العمل ، أدعو وأتضرع لكن دون جدوى ، لم أجد شيئا يشفي غليلي ، حتى الصلاة لم أعد أصلي ، وهذا كله بسبب هذا الوسواس .
مللت من العيش وسئمت الحياة ، والله استحييت كثيراً قبل أن أرسل هذه الفتوى ولكني معذور.
والله لم تعد عندي رغبة للعيش ، جربت جميع الوسائل : الأذكار والأحاديث لكن دون جدوى ، أريد جوابا شافياً شافياً ، فماذا أفعل فقد ظهرت علي علامات النحافة والإرهاق .
الجواب
الحمد لله.
لقد تألمنا لألمك ، وحزنا لحزنك ، ونسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ، ويفرج همك ،
ويذهب كربك .
والعلاج يسير لكنه يحتاج إلى عزيمة وإصرار وصبر ، ويجمعه ثلاثة أمور :
الأول : الإعراض عن الوسوسة وعدم الالتفات لها .
الثاني : الإكثار من اللجوء والتضرع إلى الله تعالى ، فإن الشفاء بيده ، وهو أرحم
بالعبد من الوالدة بولدها ، وهو مجيب دعاء المضطرين ، فَأَكْثِر من الدعاء والسؤال
، ولا تَعْجَلْ ، فإن من أدمن طرق الباب يوشك أن يفتح له ، وفي الحديث : ( يستجاب
لأحدكم ما لم يعجل ، يقول : دعوت فلم يستجب لي )
رواه البخاري (6340) ، ومسلم (2735) .
الثالث : الإكثار من الصالحات ، لا سيما الأذكار وقراءة القرآن ، ليضعف أثر الشيطان
عليك ، وتقل وسوسته لك ، فإن الشيطان إذا ذكر الله خنس ، والصلاة من أعظم الأعمال ،
وآكد الفرائض ، وتركها كفر كما دلت عليه النصوص ، فكيف ترجو النجاة والمعافاة مع
تركها ؟!
فواظب على الصلاة ، وأدها في أوقاتها مع الجماعة ، واثبت على ذلك ، وأيقن بالفرج من
ربك ، واعلم أن هذا الابتلاء يزيد في درجاتك ، ويضاعف من حسناتك ، وكراهتك له ،
وتألمك منه دليل على صحة الإيمان في قلبك ، كما روى مسلم (132) عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ : إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا
يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ . قَالَ : وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ ؟
قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ ) .
قال النووي رحمه الله :
" مَعْنَاهُ : اِسْتِعْظَامُكُمْ الْكَلَام بِهِ هُوَ صَرِيح الْإِيمَان , فَإِنَّ
اِسْتِعْظَام هَذَا وَشِدَّة الْخَوْف مِنْهُ ، وَمِنْ النُّطْق بِهِ فَضْلًا عَنْ
اِعْتِقَاده ، إِنَّمَا يَكُون لِمَنْ اِسْتَكْمَلَ الْإِيمَان اِسْتِكْمَالًا
مُحَقَّقًا ، وَانْتَفَتْ عَنْهُ الرِّيبَة وَالشُّكُوك "
انتهى .
ونوصيك بتجنب الوحدة والفراغ ، والحرص على الرفقة الصالحة ، فإن الشيطان من الواحد
قريب ، ومن الاثنين أبعد .
نسأل الله لنا ولك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا .
والله أعلم .