حكم ترك التورك إذا كان يضايق من بجواره
التورُّك في الصلاة بالنسبة للمأموم إذا كان يضايق مَن بجانبه ، أيهما أفضل : أن يتورَّك ، أو أن يتركها ؟ لأن كثيراً من الناس لا يستطيع أن يتورَّك إلا إذا اتكأ على مَن بجانبه ؟
الجواب
الحمد لله.
" التورُّك في الصلاة معروف ، أن تنصب اليمنى وتخرج اليسرى من الجانب الأيمن .
وتتورَّك : أي : أنك تضع وَرِكَكَ على الأرض ، وهذا يوجب من الإنسان أن يتجافى
قليلاً ، وربما يكون الصف متضايقاً والناس مزدحمين فيه فيؤذي مَن إلى جانبه .
فهنا اجتمع عندنا شيئان : فعل سنة ، ودفع أذى عن المسلم ، فأيهما أولى : فعل السنة
، أو دفع الأذى ؟ الأَوْلى دفع الأذى ؛ لأن أذية المؤمن ليست بالهينة ، أذية المؤمن
ولو بالقول فضلاً عن الفعل الذي يحصل في الصلاة ويشوِّش عليه صلاته ، أذية المؤمن
تكون بالقول أو بالفعل ، يقول الله عز وجل فيها : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا
بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً ) الأحزاب/58
، ويقول عليه الصلاة والسلام : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جارَه ) ،
وخرج مرَّةً على أصحابه وهم في المسجد يصلون ويجهرون بالقراءة ، فقال : ( كلكم
يناجي ربه ، فلا يؤذِيَنَّ بعضُكم بعضاً في القراءة ) ، أين هي الأذية ؟! الأذية
أنك إذا جهرت شوَّشتَ على الذين هم حولك فآذيتَهم ...
فهذه القاعدة انتبه لها : تركُ السنة لدفع الأذية خير من فعل السنة مع الأذية ،
فهذا المتورِّك إذا كان بتَوَرُّكِه يؤذي جاره فلا يتورَّك ، وإذا علم الله من نيته
أنه لولا هذا لَتَوَرَّكَ ، فإن الله تعالى يثيبه ؛ لأنه يكون كمن قال فيهم الرسول
صلى الله عليه وسلم : ( مَن مرض أو سافر كُتِب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً ) "
انتهى
.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
"لقاءات الباب المفتوح" (2/38) .
والله أعلم .