الحمد لله.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله من الواجبات المحتمات على الأمة الإسلامية ، وقد جاءت الآيات والأحاديث الكثيرة لتدل على هذا المعنى ، وتقرر هذا الحكم الشرعي ، سبق ذكر أطراف منها في أجوبة عديدة في موقعنا ، في جواب السؤال رقم : (11403) ، (38701) ، (96662)
ورغم كثرة الآيات والأحاديث الواردة في فضيلة هذه الشعيرة العظيمة " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " إلا أننا لم نجد فيها ما يصح بخصوص تعلق الناس يوم القيامة بمن ترك الدعوة والنصيحة ، ومطالبتهم بأخذ حقهم منه يوم القيامة عقوبة على تقصيره في ذلك ، وكل ما وقفنا عليه بهذا الخصوص هو ما ذكره الحافظ أبو السعادات ابن الأثير (606هـ) في كتابه " جامع الأصول من أحاديث الرسول " ولم يعزه لأحد، وذكره المنذري (643هـ) في كتابه " الترغيب والترهيب " (3/164) (حديث رقم/3506) وعزاه لرزين فقال :
" وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( كنا نسمع أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة وهو لا يعرفه ، فيقول له : ما لك إلي ، وما بيني وبينك معرفة ؟! فيقول : كنت تراني على الخطإ وعلى المنكر ولا تنهاني ) ذكره " رزين " ولم أره " انتهى نقل المنذري.
ورزين هذا قال الذهبي في ترجمته :
" رزين بن معاوية بن عمار ، الإمام المحدث الشهير ، أبو الحسن العبدري الأندلسي
السرقسطي ، صاحب كتاب : " تجريد الصحاح "، جاور بمكة دهرا ، حدث عنه : قاضي الحرم أبو المظفر محمد بن علي الطبري ، والزاهد أحمد بن محمد بن قدامة والد الشيخ أبي عمر ، والحافظ أبو موسى المديني ، والحافظ ابن عساكر وقال : كان إمام المالكيين بالحرم .
توفي بمكة في المحرم سنة خمس وثلاثين وخمس مئة وقد شاخ " انتهى.
" سير أعلام النبلاء " (20/204-205)
وقد بين العلماء أن كتاب رزين المسمى " تجريد الصحاح " مليء بالأحاديث التي لا يعرف مصدرها ، ولم يوقف على أصلها ، ولا يُدرَى من أين جاء بها .
قال ابن الصلاح في معرض تقرير بدعية صلاة الرغائب :
" ولا تستفاد له صحة – يعني لحديث صلاة الرغائب - مِن ذكر رزين بن معاوية إياه في كتابه في " تجريد الصحاح " ، ولا من ذكر صاحب " الإحياء " – يعني الغزالي - له فيه واعتماده عليه ، لكثرة ما فيهما من الحديث الضعيف ، وإيراد رزين له في مثل كتابه من العجب " انتهى.
نقلا عن " الباعث على إنكار البدع والحوادث " لأبي شامة المقدسي (ص/45)
وقال الذهبي رحمه الله :
" أدخل كتابه زيادات واهية لو تنزه عنها لأجاد " انتهى.
" سير أعلام النبلاء " (20/205)
وقال أيضا رحمه الله :
" وله في الكتاب زيادات واهية " انتهى.
" تاريخ الإسلام " (36/376)
ويقول ابن تيمية رحمه الله :
" ورزين قد ذكر في كتابه أشياء ليست في الصحاح " انتهى.
" منهاج السنة النبوية " (7/157).
ويقول الشوكاني رحمه الله :
" أدخل في كتابه الذي جمع فيه دواوين الإسلام بلايا وموضوعات لا تعرف ، ولا يُدرَى من أين جاء بها " انتهى.
" الفوائد المجموعة " (ص/49)
وقال العلامة المعلمي في تعليقه عليه :
" زاد أحاديث ليست فيها – يعني في الصحيحين والموطأ وسنن الترمذي والنسائي وأبي داود - ولا في واحد منها ، فإذا كان الواقع هكذا ، ومع ذلك لم ينبه في خطبة كتابه أو خاتمته على هذه الزيادات فقد أساء ، ومع ذلك فالخطب سهل ، فإن أحاديث غير الصحيحين من تلك الكتب ليست كلها صحاحا ، فصنيع رزين - وإن أوهم في تلك الزيادات أنها في بعض تلك الكتب - فلم يوهم أنه صحيح ولا حسن . وأحسب أن تلك الأحاديث التي زادها كانت وقعت له بأسانيده ، فإنها أحاديث معروفة في الجملة ، ومنها حديث صلاة الرغائب ولم يكن رزين من أهل النقد فلم يعرف حال الحديث " انتهى.
وقال اللكنوي رحمه الله :
" قال الشيخ الدهلوي في رسالته : وقد ذكر صاحب جامع الأصول في كتابه حديثا من كتاب رزين ، مع أن موضوع ذلك الكتاب جمع أحاديث الكتب الستة المسماة بالصحاح الست ، وإذا لم يجد في هذه الكتب حديثا في ذلك أورده من كتاب آخر استيفاء وتكميلا " انتهى.
" الأسرار المرفوعة " (ص/74)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" فاعلم أن كتاب رزين هذا جمع فيه بين الأصول الستة : " الصحيحين " و" موطأ مالك " و"سنن أبي داود " ، والنسائي ، والترمذي ، على نمط كتاب ابن الأثير المسمى " جامع الأصول من أحاديث الرسول " ، إلا أن في كتاب " التجريد " أحاديث كثيرة لا أصل لها في شيء من هذه الأصول ، كما يعلم مما ينقله العلماء عنه مثل المنذري في " الترغيب والترهيب " " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/207)
فالحاصل أن هذا الحديث لا يعرف له أصل .
والله أعلم .