الحمد لله.
أولا :
لا يجوز التعامل بالرشوة أخذا أو إعطاء ، وهي من كبائر الذنوب ؛ لما رواه أحمد
(6791)
وأبو داود (3580) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ
:
لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي
وَالْمُرْتَشِي . صححه الألباني في "إرواء الغليل" (2621).
و"الراشي" هو معطي الرشوة ، و"المرتشي" هو آخذها
.
لكن يستثنى من ذلك :
1-
ما إذا لم يستطع صاحب الحق أخذ
حقه إلا بدفع رشوة ، فقد نص العلماء رحمهم الله على جواز دفعه للرشوة حينئذ ويكون
التحريم على الآخذ لها لا المعطي ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (70516)
و (72268)
.
فإذا كان تخليص الشحنات والبضائع لا يمكن إلا بدفع المال ، أو كان عدم الدفع يعني
تأخير الشحنة وتضرر صاحب الحق ، جاز دفع المال حينئذ ، مع حرمته على الآخذ
.
2- أن يدفع المال لرفع ظلم أو تخفيفه ، كما لو دفعه لمن يرفع عنه الضرائب التي تفرض
على المسلمين ، فلا حرج في ذلك كما سبق في جواب السؤال رقم (39461)
و (25758)
.
3- أن يدفع المال لشخص أو مكتب يتولى الذهاب إلى الجهات المسئولة [ مثل مكاتب التعقيب ، أو التخليص ، في بعض الدول ] ، ويعمل على تخليص المعاملة ، فهذا لا حرج فيه ، وليس من الرشوة ، بل هو من باب الإجارة .
وعليه فإن كان ما يصرفه المدير داخلا في الأمور السابقة المباحة : فلا حرج عليك في كتابة سند الصرف وتسجيله . وإن كان رشوة محرمة لم يجز لك ذلك ، وعليك أن تبين للمدير تحريم الرشوة وتحريم الإعانة عليها ، وتمتنع من تسجيلها أو كتابتها ، ولا حرج في بقائك في عملك ما دمت مجتنبا لهذا الحرام .
ثانيا :
إذا كانت السلفة التي يأخذها المدير تسجل عليه كسلفة ، وكان صاحب العمل لا يمنع من ذلك : فلا حرج في إعطائه ما يريد .
وأما إن كانت لا تسجل كذلك ، أو كان صاحب العمل يمنع أخذ هذه السلف ، فلابد من إخباره والامتناع عن صرف المال إلا بإذنه .
وفي حال تركك العمل لا يلزمك إرجاع هذه السلف ، بل يكفي أن تبين ذلك في أوراق الشركة حتى لا يضيع حق صاحب العمل .
ولا يلزمك ترك العمل إلا في حال إجبارك على إجراء المعاملة المحرمة ، أما إذا توقف المدير بعد ذلك ، أو علم صاحب العمل ، فأقره ، ولم يعترض : فلا بأس عليك في البقاء في العمل .
والله أعلم .