هل له قتل الخيول بالسم لأنها تفسد زرعه ؟

26-04-2009

السؤال 130089

أحد أقربائي يملك قطعة أرض مزروعة بالقمح ، وبعض الخيول تأتي لتأكل من هذا القمح لكونه في أرض مفتوحة ، ولا يعرف لمن تعود ملكية هذه الخيول ، وهو منزعج كثيراً من هذا العمل ؛ لأن محصوله كله يذهب طعاما للخيول . اقترح عليه بعض الناس أن يسمم الفرس الذي يأتي ويأكل من محصوله ، لكونها الطريقة الوحيدة التي يمكنه حماية محصوله من خلالها ، خاصة وأن جميع أصحاب الخيول أنكروا أنهم يطعمون خيولهم من محصوله . فهل يحل له أن يسمم الحصان لأنه يضر بمحصوله الزراعي؟.

الجواب

الحمد لله.

أولا ً:

الواجب على أهل الزرع حفظُ زرعهم وصيانته من المواشي والحيوانات خلال النهار ، فإن قصروا في حفظه تَحمَّلوا نتيجة تقصيرهم .

والواجب على أهل المواشي والخيول والجمال حفظها في الليل ، فإن قصروا في ذلك لزمهم ضمان ما أتلفته حيواناتهم ليلاً .

ويدل لذلك ما جاء عن مُحَيِّصَةَ أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ (بستان) فَأَفْسَدَتْهُ عَلَيْهِمْ ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ ، وَعَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي حِفْظَهَا بِاللَّيْلِ) رواه أبو داود (3569) وصححه الألباني .

قال ابن قدامة المقدسي : "لأن العادة من أهل المواشي إرسالها في النهار للرعي ، وحفظها ليلاً ، وعادة أهل الحوائط [البساتين] حفظها نهاراً دون الليل ، فإذا ذهبت ليلاً كان التفريط من أهلها ، لتركهم حفظها في وقت عادة الحفظ ، وإن أتلفت نهاراً كان التفريط من أهل الزرع ، فكان عليهم" انتهى من "المغني" (10/351) .

وقال ابن عبد البر: "وخبر البراء بن عازب هذا في طرح الضمان عن أهل المواشي فيما أتلفت ماشيتهم من زروع الناس نهاراً ، إنما معناه عند أهل العلم : إذا أُطلقت للرعي ولم يكن معها صاحبها ، وأما إذا كانت ترعى ومعها صاحبها فلم يمنعها من زرع غيره ، وقد أمكنه ذلك حتى أتلفته ، فعليه الضمان ؛ لأنه لا مشقة عليه في منعها" انتهى من "التمهيد" (11/88).

وواضح من سؤالك وجود تقصير  من صاحب الأرض في حفظ زرعه بترك الأرض مفتوحة من غير حراسة ولا تحويط .

ثانياً :

ما دخل من هذه الحيوانات إلى أرضك ، فلك منعها وإخراجها حتى لا تفسد زرعك ، ويكون ذلك بأسهل ما يمكن ، وليس لك الاعتداء عليها بالقتل ؛ لوجود وسائل أخرى يمكن من خلالها تفادي إفسادها ، كالزجر ، والضرب ، وتسوير الأرض .

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عَنْ قَوْمٍ دَخَلَ فِي زَرْعِهِمْ جَامُوسَانِ ، فَعَرْقَبُوهُمَا [أي قطعوا عروقهما] فَمَاتَا ، وَقَدْ يُمْكِنُ دَفْعُهُمَا بِدُونِ ذَلِكَ ، فَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ ؟

فَأَجَابَ :

"لَيْسَ لَهُمْ دَفْعُ الْبَهَائِم الدَّاخِلَةِ إلَى زَرْعِهِمْ إلَّا بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ ، فَإِذَا أَمْكَنَ إخْرَاجُهُمَا بِدُونِ الْعَرْقَبَةِ فَعَرْقَبُوهُمَا ، عُزِّرُوا عَلَى تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَعَلَى الْعُدْوَانِ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ بِمَا يَرْدَعُهُمْ عَنْ ذَلِكَ ، وَضَمِنُوا لِلْمَالِكِ بَدَلَهُمَا .

وَعَلَى أَهْلِ الزَّرْعِ حِفْظُ زَرْعِهِمْ بِالنَّهَارِ ، وَعَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي حِفْظُ مَوَاشِيهِمْ بِاللَّيْلِ ، كَمَا قَالَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/377) .

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ : "هي كالصائل ، يدفع بالأسهل فالأسهل" انتهى من "الفتاوى والرسائل" (8 / 108) .

فعلى هذا ، على صاحب المزرعة أن يحفظ مزرعته بالنهار ، ولا يحل له قتل الخيول التي تأكل منها .

والله أعلم .

الضمان حقوق الحيوان
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب