الحمد لله.
أولا :
يحرم الاختلاط بين الرجال والنساء في العمل والدراسة ؛ لما يترتب على ذلك من مفاسد ومحاذير ، وينظر : سؤال رقم (1200) و (97231) .
والرجل هو المطالب بالعمل والكد والإنفاق على أهله ومن يعول ، واقتحام المرأة مجال عمل الرجال أمر حادث نتج عن التقليد المذموم لأهل الكفر والفسق ممن لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا إلا ما أشربته أهواؤهم ، ولهذا يتعين السعي في منع هذا الاختلاط ، وصرف النساء إلى الأعمال والمجالات الخاصة بهن .
وأمام ما ابتلي به المسلمون من هذه الفتنة لا يمكن القول بوجوب خروج الرجال الصالحين من أعمالهم ووظائفهم ، وترك المجال للنساء ، فإن هذا – لو أمكن تحقيقه – لأدى إلى مفاسد كثيرة قد تربو على مفسدة الاختلاط ، والشريعة جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها ، ولهذا أفتى جماعة من أهل العلم بجواز تولي بعض الوظائف الممنوعة لتخفيف الشر ما أمكن ، وينظر أمثلة ذلك في جواب السؤال رقم (69859) .
ويبقى النظر في حال الموظف الذي يرخص له في البقاء في العمل المختلط ، فإن هذا ينبني على حجم المصالح المرجوة ، وعلى مقدرة الموظف على الالتزام بالضوابط الشرعية ، والتحرز من المخالفات ، وضبط النفس أمام الشهوات ، ويختلف هذا باختلاف طبيعة الإنسان وسنّه وكونه عزبا أو متزوجا ، ويختلف باختلاف القدر الموجود من الشر والفتنة .
وعليه نقول :
إن كانت المصالح المرجوة من بقائك في العمل وتوليك مهام الخبير مستقبلا ، والاستغناء عن هذه الموظفة وعن غيرها من النساء ، أمورا حقيقية ظاهرة ، وكنت قادرا على ضبط نفسك وغض بصرك والتحرز من الخلوة ، ولم تجد في قلبك ميلا لهذه المرأة أو غيرها ، فلا حرج في بقائك في هذا العمل ، وأنت مثاب على ما تنويه من الخير والإصلاح .
وإن كانت المصالح المرجوة ليست ظاهرة ، أو لا أهمية لها ، أو كنت ترى من نفسك ضعفا ، وتخاف التأثر والميل ، فلا شك أن السلامة والبعد أولى لك ، بل هذا هو الأصل المعتمد في هذه المسألة .
ثانيا :
لا حرج في توليك الإمامة ، ولعل الله أن ينفع بك أهل منطقتك ، وأن تكون الإمامة عونا لك على الازدياد من الخير ، والمحافظة على الآداب والفضائل ، والتحرز عن النقائص والرذائل ، فإن هذا المنصب الشريف له أهميته ومكانته ، ويستوجب من صاحبه أمورا لا تطلب من غيره .
نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .