الحمد لله.
الأصل في الهدية التي يتقاضاها الموظف بسبب وظيفته وعمله أنها حرام ، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ) رواه أحمد (23090) وصححه الألباني في "الإرواء".
وأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رجلاً على الصدقة ، فجاء الرجل بمال وقال : هذا لكم ، وهذا أُهدي لي ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لَا) رواه البخاري (7174) ومسلم (1832) .
فهذا الحديث يبين سبب الهدية ، وأنها بسبب عمله ، وأنه لو لم يكن عاملاً من قبل الدولة لم يُهِدَ إليه شيء ، ولهذا كانت محرمة .
انظر : "فتح الباري" (12/349) .
وهذا الاتفاق الذي تم بينك وبين الشركة المنفذة لا يعتبر هدية ، ولكنه يشبه الهدية ، لأن فيه محاباة لك ، وتستفيد أنت منه مادياً .
وقد ذكر العلماء عدة مفاسد للإهداء للعمال من أجلها حَرَّم الشرع هذه الهدايا ، منها :
أن هذه الهدية تؤثر في نفس العامل بلا شك ، فتحمله على محاباة المهدي ، فيعطيه ما ليس من حقه ، أو يتغاضى له عن أشياء ، مما يعود بالضرر على صاحب العمل .
وأنت تعمل مشرفاً على هذه الشركة ، فيُخشى أن يجرك هذا الاتفاق معها إلى التساهل في القيام بعملك .
وقد جاء الشرع بمنع المفاسد ، وسد أي طريق يوصل إليها .
ومما يؤكد منع مثل هذا الاتفاق : أنك تكره أن يطلع عليه الناس ، ويعرفه المسؤولون عنك في شركتك وإدارتك ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (الْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ) رواه مسلم (2553) .
فالنصيحة لك : أن تستأجر تاكسي كما تم الاتفاق مع الشركة ، وتتولى الشركة دفع أجرته .
وبهذا تسلم أنت من هذه الشبهة ، ويكون هذا أقوى لك في القيام بالعمل ، وتكتسب المصداقية ، وتبعد نفسك عن الظنون والشكوك .
واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه .
نسأل الله تعالى أن يوسع عليك رزقه ويبارك لك فيه .
والله أعلم