الحمد لله.
ثانياً :
صاحب السلس لا يخلو من حالين :
الأول : أن يكون سلسه مستمراً ، بحيث لا يتمكن صاحبه من الطهارة وأداء الصلاة في
وقتها ، فهذا يلزمه أن يتطهر ويتحفظ بشيء يمنع انتشار البول ، ويتوضأ بعد دخول وقت
الصلاة ، ثم يصلي الفريضة وما شاء بعدها من نوافل ، ولا يضره ما خرج من البول .
الثاني : أن يكون سلسه غير مستمر ، كمن ينقطع عنه الخارج في وقتٍ يمكنه فيه الطهارة
والصلاة ، فهذا يلزمه أن يؤخر الصلاة إلى وقت انقطاع الخارج .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" المصاب بسلس البول له حالان :
الأولى : إذا كان مستمرّاً عنده بحيث لا يتوقف ، فكلما تجمَّع شيء بالمثانة نزل :
فهذا يتوضأ إذا دخل الوقت ويتحفظ بشيء على فرجه ، ويصلِّي ولا يضرُّه ما خرج .
الثانية : إذا كان يتوقف بعد بوله ولو بعد عشر دقائق أو ربع ساعة : فهذا ينتظر حتى
يتوقف ثم يتوضأ ويصلِّي ، ولو فاتته صلاة الجماعة " انتهى من "أسئلة الباب المفتوح"
(س 17 ، لقاء 67 ) .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (66074)
.
ثالثاً :
صاحب السلس إذا كان ينزل منه البول أثناء الصلاة في حال دون حال ، كأن ينزل منه
البول في حال القيام دون حال القعود ، ففي هذه الحال يصلي جالساً ولا حرج عليه .
قال النووي رحمه الله : " قال البغوي : لو كان سلس البول بحيث لو صلى قائما سال
بوله ولو صلى قاعدا استمسك فكيف يصلي ؟ فيه وجهان : أصحهما : قاعدا ، حفظا للطهارة
، ولا إعادة عليه " انتهى من "المجموع" (2/561) .
وقال البهوتي رحمه الله : "أو لحقه السلس إن صلى قائما , صلى قاعدا ؛ لأن للقيام
بدلا , وهو القعود " انتهى من "كشاف القناع" (1/218) .
وجاء في الموسوعة الفقهية (25/190) : " ولو استمسك الحدث بالجلوس في الصلاة وجب بلا
إعادة " انتهى .
أما إذا كان البول لا ينزل ،
إلا في حال السجود أو الركوع ، فالمذهب عند الحنابلة : أنه في هذه الحال يركع ويسجد
حتى ولو نزل منه البول في تلك الحال ، ولا يجوز له أن يومئ عند ركوعه وسجوده .
قال منصور البهوتي رحمه الله : "ومن لم يلحقه السلس إلا راكعا أو ساجدا ركع وسجد
نصا (أي : نص عليه الإمام أحمد) ولا يكفيه الإيماء" انتهى من "شرح منتهى الإرادات"
باختصار (1/123) .
والقول الثاني : أنه يؤمى
بالركوع والسجود إذا كان في ذلك محافظة على الطهارة .
قال ابن مفلح رحمه الله : " ولو قدر على حبسه حال القيام لا حال الركوع والسجود ركع
وسجد نص عليه , كالمكان النجس ، ويتخرج : أن يومئ , جزم به أبو المعالي ؛ لأن فوات
الشرط لا بدل له " انتهى من "الفروع" (1/281) .
و قال عثمان الزيلعي رحمه الله : " ثم الأصل في جنس هذه المسألة أن من ابتلى
ببليتين وهما متساويتان يأخذ بأيهما شاء وإن اختلفا يختار أهونهما ; لأن مباشرة
الحرام لا تجوز إلا للضرورة ، ولا ضرورة في حق الزيادة ، مثاله : رجل عليه جرح لو
سجد سال جرحه وإن لم يسجد لم يسل ، فإنه يصلي قاعداً يومئ بالركوع والسجود ; لأن
ترك السجود أهون من الصلاة مع الحدث , ألا ترى أن ترك السجود جائز حالة الاختيار في
التطوع على الدابة ومع الحدث لا يجوز بحال ، فإن قام وقرأ وركع , ثم قعد وأومأ
للسجود جاز " انتهى من "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (1/99) .
فالحاصل :
أنه لا حرج على من أصيب بالسلس أن يصلي قاعداً ، ويومئ بالركوع والسجود إن كان ذلك
سيؤدي إلى عدم نزول ما ينقض الطهارة .
والله أعلم