الحمد لله.
والنوع الثاني : ما كان لطلب الرشاقة والتحسين ومجرد
التجميل كعمليات تجميل الأنف وتصغيره وشد تجاعيد الوجه ونحو ذلك ، فهذا لا يجوز ؛
لأنه من تغيير خلق الله ، ولما يتضمنه من الغش والتدليس ، وما يعقبه من أضرار
ومضاعفات نفسية وجسدية لغير حاجة ، وما يلزمه من كشف العورات لغير حاجة .
وقد روى البخاري (4886) ومسلم (2125) عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبيِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ
وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ
لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ ) .
فجمع بين تغيير الخلقة وطلب الحسن ، وهذان المعنيان موجودان في الجراحة التجميلية
التحسينية .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ما كان لإزالة عيب فلا بأس به مثل أن يكون في أنفه اعوجاج فيعدله أو إزالة بقعة
سوداء مثلاً فهذا لا بأس به ، أما إن كان لغير إزالة عيب كالوشم والنمص مثلاً فهذا
هو الممنوع " انتهى .
"فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (11 / 93)
يراجع للاستزادة جواب السؤال رقم : (34215)
، (47694)
ثانيا :
إذا كان المراد من هذه الجراحة هو إعادة التوازن للساقين ، وذلك بزيادة شحمها
لتتناسب مع الساق الأخرى ، فالظاهر أن هذا من باب إزالة العيب ، ولا حرج فيه إن شاء
الله ، خاصة إذا كانت نحافة هذه الساق بينة ، وتسبب شينا ظاهرا .
وإما إذا كانت الساقان نحيفتين جميعا ، وكان المراد زيادة شحمهما ؛ فهذا يتوقف على
مقدار النحافة فيهما ؛ فإن كانت نحافة غير معتادة ، بحيث تعد حالة مرضية ، وعيبا
خلقيا ، أو كان وضعهما الحالي يسبب ضررا للبدن ، أو يعوق حركتهما الطبيعية : فلا
حرج في إجراء هذه العملية ، لأجل ذلك المقصد ، إن شاء الله ؛ ما دام المقصود الأصلي
هو إزالة الضرر ، أو العيب الخلقي في الساقين ، وليس المقصود الأصلي بذلك هو مجرد
التجميل .
وأما إن كانت نحافة الساقين مما يعتاد مثله ، ولا ضرر في بقائهما على حالهما ، ولم يكن فيهما شين ظاهر ، فلا يجوز إجراء هذه العملية لأجل التجميل ، وزيادة الحسن .
ثالثا :
إذا كانت الحالة مما تبيح إجراء عملية التجميل شرعا : فلا يجوز الإقدام على هذه
الجراحة ، إلا بنصيحة الطبيب الثقة الماهر بذلك التخصص ؛ فإن رأى أنه لا نفع فيها ،
أو أنه سيترتب على هذه الجراحة أضرار أخرى بالبدن : فلا يجوز إجراء هذه الجراحة ـ
شرعا ـ والحالة هذه ؛ لأنه خلاف الأصل في عدم تغيير شيء في بدن الإنسان وخلقته ،
وليس هناك مصلحة راجحة تبيح ذلك .
وإذا اختلف كلام الأطباء ، فالواجب أن تأخذ بكلام الأعلم ، والأوثق ، وأن تتمهل في
ذلك ، ولا تتعجل بالإقدام على هذه العملية ، إلا بما قلنا من ترجيح الأطباء الثقات
، أو أوثقهم ، وأكثرهم إذا اختلف كلامهم .
وحيث لم يتبين لك شيء قوي في الترجيح بين كلامهم ، فالأصل عدم الإقدام على مثل هذه
الجراحة .
والله أعلم .