الحمد لله.
جراحة التجميل تنقسم إلى قسمين :
1. جراحة التجميل الضرورية .
وهي الجراحة التي تكون لإزالة العيوب ، كتلك الناتجة عن مرض أو حوادث سير أو حروق أو غير ذلك ، أو إزالة عيوب خلقية وُلِد بها الإنسان كبتر إصبع زائدة أو شق ما بين الإصبعين الملتحمين ، ونحو ذلك .
وهذا النوع من العمليات جائز ، وقد جاء في السنة ما يدل على ذلك :
1- عن عرفجة بن أسعد أنه أصيب أنفه يوم الكُلاب في الجاهلية ( يوم وقعت فيه حرب في الجاهلية ) فاتخذ أنفا من وَرِق ( أي فضة ) فأنتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفا من ذهب . رواه الترمذي ( 1770 ) وأبو داود ( 4232 ) والنسائي ( 5161 ) . والحديث : حسَّنه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " ( 824 ) .
2- وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن المتنمصات والمتفلجات للحسن اللاتي يغيرن خلق الله . رواه البخاري ومسلم .
( النَّامِصَة ) هِيَ الَّتِي تُزِيل الشَّعْر مِنْ الحاجبين , وَالْمُتَنَمِّصَة الَّتِي تَطْلُب فِعْل ذَلِكَ بِهَا .
( الْمُتَفَلِّجَات ) جمع متفلجة،وهي التي تَبْرُد مَا بَيْن أَسْنَانهَا إِظْهَارًا لِلصِّغَرِ وَحُسْن الأَسْنَان .
قال النووي رحمه لله :
وَأَمَّا قَوْله : ( الْمُتَفَلِّجَات لِلْحُسْنِ ) فَمَعْنَاهُ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ طَلَبًا لِلْحُسْنِ , وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْحَرَام هُوَ الْمَفْعُول لِطَلَبِ الْحُسْن , أَمَّا لَوْ اِحْتَاجَتْ إِلَيْهِ لِعِلاجٍ أَوْ عَيْب فِي السِّنّ وَنَحْوه فَلا بَأْس ، وَاللَّه أَعْلَم اهـ .
2. والقسم الثاني : جراحة التجميل التحسينية .
وهي جراحة تحسين المظهر في نظر فاعلها ، مثل تجميل الأنف بتصغيره ، أو تجميل الثديين بتصغيرهما أو تكبيرهما ، ومثل عمليات شد الوجه ، وما شابهها .
وهذا النوع من الجراحة لا يشتمل على دوافع ضرورية ، ولا حاجية ، بل غاية ما فيه تغيير خلق الله ، والعبث بها حسب أهواء الناس وشهواتهم ، فهو محرم ، ولا يجوز فعله ، وذلك لأنه تغير لخلق الله تعالى ، وقد قال الله تعالى : ( إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَاناً مَرِيداً * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً * وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ) النساء/117-119 . فالشيطان هو الذي يأمر العباد بتغير خلق الله .
وانظر كتاب " أحكام الجراحة الطبية " للشيخ محمد المختار الشنقيطي .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :
ما الحكم في إجراء عمليات التجميل ؟ وما حكم تعلم علم التجميل ؟ .
فأجاب :
التجميل نوعان :
تجميل لإزالة العيب الناتج عن حادث أو غيره ، وهذا لا بأس به ولا حرج فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لرجل قطعت أنفه في الحرب أن يتخذ أنفا من ذهب .
والنوع الثاني :
هو التجميل الزائد وهو ليس من أجل إزالة العيب بل لزيادة الحسن ، وهو محرم لا يجوز ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة لما في ذلك من إحداث التجميل الكمالي الذي ليس لإزالة العيب .
أما بالنسبة للطالب الذي يقرر علم جراحة التجميل ضمن مناهج دراسته فلا حرج عليه أن يتعلمه ولكن لا ينفذه في الحالات المحرمة بل ينصح من يطلب ذلك بتجنبه لأنه حرام وربما لو جاءت النصيحة على لسان طبيب كانت أوقع في أنفس الناس . " فتاوى إسلامية " ( 4 / 412 ) .
وانظري جواب السؤال رقم ( 1006 ) .
وخلاصة الجواب :
إذا كان بالأنف عيب أو تشويه ، وكان المقصود من العملية الجراحية إزالة هذا العيب ، فهذا لا بأس به .
أما إذا كان المقصود هو مجرد الزيادة في التجميل والحسن فلا يجوز إجراء هذه العملية .
والله أعلم .
تعليق