أعمل في شركة خاصة بالبناء وستقوم ببناء مدرسة لتعليم الموسيقى وقاعة للعرض سيتم عرض بداخلها عروض لما تم تعلمه على الجمهور ، فهل يجوز لي العمل في البناء ، وما الحكم إن لم يكن أمامي خيار آخر جزيتم خيرا
الحمد لله.
الموسيقى يحرم عزفها ، وسماعها ، لأدلة كثيرة سبق بيانها في جواب السؤال رقم (5000)،
ولا يستثنى منها غير الدف .
وإذا كانت المدرسة لتعليم الموسيقى ، فلا شك في حرمة بنائها ؛ لأنها إنما تبنى
وتقام لتعليم أمر محرم ، وتخريج أجيال تمارس الحرام وتنشره بين الناس ، فالمشاركة
في بنائها أو تجهيزها أو إدارتها إعانة على الإثم والمعصية ، وقد قال تعالى : (
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ
وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .
في الموسوعة الفقهية (8/ 207) : " الأصل في البناء الإباحة ... وتعتريه باقي
الأحكام الخمسة :
فيكون واجبا : كبناء دار المحجور عليه إذا كان في البناء غبطة ( مصلحة ظاهرة تنتهز
قد لا تعوض ) .
وحراما : كالبناء في الأماكن ذات المنافع المشتركة ; كالشارع العام , وبناء دور
اللهو ، والبناء بقصد الإضرار ; كسد الهواء عن الجار .
ومندوبا : كبناء المساجد والمدارس , والمستشفيات , وكل ما فيه مصلحة عامة للمسلمين
حيث لا يتعين ذلك لتمام الواجبات , وإلا صار واجبا ; لأن ما لا يتم الواجب إلا به
فهو واجب .
ومكروها : كالتطاول في البنيان لغير حاجة " انتهى .
ولا شك أن بناء الأماكن التي يُتعلم فيها اللهو ، أولى بالتحريم من بناء أماكن
اللهو ؛ فأماكن التعليم هي : أماكن للهو ، وزيادة على ذلك : تعليمه ، والدعوة إليه
، ونشره .
واعلم أيها الأخ الكريم أن أبواب الرزق واسعة ، وأن الله لم يضيق على عباده ويجعل
رزقهم فيما حرم عليهم ، فاصبر ولا تعجل ، وأيقن بالرزق والفرج ، فإن الله جاعل لمن
اتقاه فرجا ومخرجا ، كما قال سبحانه : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ
مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى
اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ
لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (الطلاق:2 ،3).
وقال تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97 .
ولا يجوز لأحد أن يستعجل الرزق المقدّر ، بارتكاب الحرام ، وقد قال صلى الله عليه
وسلم : ( إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها و تستوعب
رزقها ؛ فاتقوا الله و أجملوا في الطلب ، ولا يحملنّ أحدَكم استبطاءُ الرزق أن
يطلبه بمعصية الله ؛ فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته ) رواه أبو نعيم
في الحلية ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 2085 .
نسأل الله لك التوفيق والعون والسداد .
والله أعلم .