الحمد لله.
ثالثا :
قول زوجك : إنه لا يريد الطلاق ، ليس له تأثير فيما مضى من الطلاق ؛ لأن النية في
طلاق الكناية إنما ينظر فيها وقت التلفظ بالطلاق ، وليس في إرادته أو نيته بعد ما
طلق .
وأما بالنسبة لرجعتك : فقول زوجك : إنه لا يريد الطلاق ، ليس صريحاً في الرجعة ،
وإنما هو إخبار عن عدم رغبته في البينونة ، وذلك غير كاف ، فلا بد لرجعتك ، ، من أن
يقول : راجعتك ، أو راجعت امرأتي ، أو نحو ذلك من الألفاظ التي تدل على أنه ردك
إليه فعلا .
قال البهوتي رحمه الله :
" ( وَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِلَفْظٍ مِنْ أَلْفَاظِهَا نَحْوَ رَاجَعْتُ
امْرَأَتِي أَوْ ارْتَجَعْتُهَا أَوْ أَرْجَعْتُهَا أَوْ رَدَدْتُهَا أَوْ
أَمْسَكْتُهَا ) وَ ( لَا ) تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ ( بِنَكَحْتُهَا أَوْ
تَزَوَّجْتُهَا ) لِأَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ وَالرَّجْعَةُ اسْتِبَاحَةُ بُضْعٍ
مَقْصُودٍ فَلَا تَحِلُّ بِالْكِنَايَةِ كَالنِّكَاحِ ( وَإِنْ خَاطَبَهَا ) أَيْ
الْمُطَلَّقَةُ بِالرَّجْعَةِ ( فَ ) صِفَتُهَا أَنْ ( يَقُولَ : رَاجَعْتُكِ أَوْ
أَرْتَجَعْتُكِ أَوْ أَرْجَعْتُكِ أَوْ رَدَدْتُكِ أَوْ أَمْسَكْتُكِ ) " انتهى من
"كشاف القناع".
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" وتحصل الرجعة بلفظ : "راجعت امرأتي"، ونحو ذلك ؛ مثل: رددتها، أمسكتها،
أعدتها...وما أشبه ذلك .
وتحصل الرجعة أيضا بوطئها إذا نوي الرجعة ، على الصحيح .
وإذا راجعها ؛ فإنه يسن أن يشهد على ذلك ، وقيل: يجب الإشهاد؛ لقوله تعالى:
وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ، وهو رواية عن الإمام أحمد . وقال الشيخ تقي
الدين: "لا تصح الرجعة مع الكتمان بحال" . انتهى من "الملخص الفقهي" (2/400) .
ولا يشترط لصحة الرجعة أن يواجهك بها مباشرة ، بل بإمكانه أن يراجعك وهو في بلده ،
وأنت ـ أيضا ـ في بلدك ، لكنه إذا لم يواجهك بهذه الرجعة ، وجب عليه أن يُشهد رجلين
عدلين ، ليتبين أنه راجعك فعلا ، قبل انتهاء عدتك منه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا أراد الإنسان أن يراجع زوجته المطلقة ، فإنه يسن أن يُشْهِد على ذلك ...
وقيل : إن الإشهاد واجب لقوله تعالى : وَأَشْهِدُوا ، فالأمر للوجوب ؛ ولأن
الرجعة كابتداء النكاح ، فكما أن ابتداء النكاح لا بد فيه من الإشهاد ، فالرجعة لا
بد فيها من الإشهاد .
ويحتمل أن يقال : في هذا تفصيل ، إن راجعها بحضرتها فلا حاجة للإشهاد ، وإن راجعها
في غيبتها وجب الإشهاد ؛ لأنه إذا راجعها في غيبتها ولم يشهد ، ربما تنكر وتقول :
أبداً ما راجعتني ، إذا أعلمها وأخبرها بالمراجعة بعد انتهاء العدة ، وحينئذٍ يقع
الإشكال ؛ لأنه ليست المشكلة أنها تحرمه من المراجعة ، بل المشكلة أنها تحل لغيره ،
وهي ما زالت في عصمته ، فالصواب هذا التفصيل. " انتهى من "الشرح الممتع"
(13/185-186) .
رابعا :
إذا راجعك زوجك قبل انتهاء عدتك ، فلا يحل لك أن تطلبي الطلاق منه ، ولا أن تسعي في
الفرقة بينكما ، ما لم يوجد عذر شرعي يبيح ذلك ، كأن يكون تاركا للصلاة مطلقا ، أو
كان لا يعطيك حقك من النفقة والسكنى والعشرة بالمعروف ، ونحو ذلك من الأعذار
المعتبرة .
ويراجع جواب السؤال رقم ، ورقم (99870)،
ورقم (101423)
ومن الأعذار التي تبيح لك طلب الفرقة من زوجك ، عند بعض أهل العلم ، وهو مذهب
المالكية : أن يتغيب عنك زوجك ، أو يحبس مدة طويلة ، إذا كنت تتضررين بذلك .
وينظر : "الموسوعة الفقهية" (29/62-66) .
والمدة المذكورة : ( خمس سنوات ) مدة طويلة ، يشق على الزوجة ـ عادة ـ أن تستغني عن
زوجها فيها ، فلها أن تطلب الطلاق حينئذ إن كان لا يمكنها الانتقال إلى بلد زوجها .
وينظر جواب السؤال رقم (12179)
والله أعلم .