أعمل بمكان يوزع وجبات إفطار للموظفين ، وأنا آخذ من الوجبات ، هل لو أعطيت الوجبة لشخص آخر محتاج أكون أنا فطَّرتُ صائماً ؟.
نرجو الإفادة .
الحمد لله.
سبق في جواب السؤال رقم ( 12598 )
ثواب من فطَّر صائماً وأن له مثل أجر الصائم لا ينقص من أجر الصائم شيئاً ، وأن ذلك
الثواب هو لمن أشبع الصائم ذاك .
وبما أنك تملكتَ الوجبة التي أُعْطيت لك : فلكَ أجر تفطير صائم - إن شاء الله - إذا
دفعتَها لصائم يفطر عليها ، وقد كان بعض السلف تُدفع إليهم الهدية أو الصدقة
فيدفعونها لغيرهم تصدقاً بها أو إهداء لها ، يبتغون بذلك الأجر ، ولهم ذلك لأنهم
أصبحوا لها مالكين ، ويُكتب لهم – إن شاء الله – أجر ما بذلوه لغيرهم ، وإذا كان
ذلك البذل معه حاجة لذلك الطعام وتعلق للنفس به : فإنه يَعظم الأجر ولا شك .
قال ابن عمر رضي الله عنهما : أُهدي لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
رأس شاة فقال : أخي فلان أحوج مني إليه ، فبعث به إليه فبعثه ذلك الإنسان إلى آخر
فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر حتى رجع إلى الأول بعد أن تداوله سبعة .
انظر " إحياء علوم الدِّين " ( 2 / 174 ) .
وقال الشيخ العثيمين – رحمه الله - :
الفقير إذا أخذ الصدقة وهو من أهلها ، أو الزكاة وهو من أهلها : فإنه يملكها ملكاً
تامّاً يتصرف فيها بما يشاء .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 21 / 103 ) .
ومما يؤكد ذلك في السنَّة وأن المتملك للشيء حر التصرف فيه : ما حصل من بريرة مولاة
عائشة ، ونسيبة الأنصارية - رضي الله عنهما - ، فقد تُصدِّق عليهما بلحم ، وتصرفتا
به إهداءً للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو محرَّم عليه الصدقة مما يدل على أن الحكم
للمالك الثاني لا للأول من جهة ، ومن جهة أخرى فيه حرية التصرف فيما بُذل له .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : أُتِىَ النَّبِيُّ صلى الله عليه
وسلم بِلَحْمٍ فَقِيلَ تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ قَالَ ( هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ ،
وَلَنَا هَدِيَّةٌ ) .
رواه البخاري ( 2438 ) ومسلم ( 1074 ) .
وعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ : بُعِثَ إِلَى نُسَيْبَةَ
الأَنْصَارِيَّةِ بِشَاةٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها مِنْهَا
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ( عِنْدَكُمْ شَيْءٌ ) فَقُلْتُ لاَ إِلاَّ
مَا أَرْسَلَتْ بِهِ نُسَيْبَةُ مِنْ تِلْكَ الشَّاةِ فَقَالَ ( هَاتِ فَقَدْ
بَلَغَتْ مَحِلَّهَا ) .
رواه البخاري ( 1377 ) ومسلم ( 1076 ) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
وقوله ( قد بلغت محِلَّها ) فيه : أن الصدقة يجوز فيها تصرف الفقير الذي أعطيها
بالبيع والهدية وغير ذلك .
" فتح الباري " ( 5 / 205 ) .
وبه تَعلم أنك متى تملكت تلك الوجبة بإعطائها لك على
وجه شرعي ؛ فإنه يجوز لك التصرف بها إهداء لها وتصدقاً بها ، وأن لك أجر تفطير صائم
إن دفعتها لصائم يأكلها ، وقد سبق في جواب السؤال رقم (
97227 ) أن الصدقة في وقت الحاجة
والمجاعة أفضل من التطوع بالعمرة ، فلينظر .
وكل ما تُحصله من أجور بفعلك ذاك فللأول الذي ملَّكك الوجبة مثل أجرك لا ينقص من
أجرك شيءٌ .
والله أعلم