ما الدليل على أن الله تعالى كلَّم النبيَّ محمداً صلى الله عليه وسلم ؟
الحمد لله.
أولاً:
أخبر الله تعالى في كتابه الكريم عن طرق الوحي لرسله الكرام عليهم السلام ، وكان منها : التكليم من وراء حجاب ، قال تعالى ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) الشورى/ 51 .
وأخبر تعالى أن التكليم من وراء حجاب هو منزلة عالية للنبي المكلَّم ، قال تعالى ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ) البقرة/ 253 .
ومن هؤلاء المكلَّمين :
1. آدم عليه السلام .
عن أبي أمامة أن رجلا قال : يا رسول الله أنبيٌّ كان آدم ؟ قال : ( نَعَمْ مُكَلَّمٌ ) قال : فكم كان بينه وبين نوح ؟ قال : ( عَشْرَةُ قُرُون ) .
رواه ابن حبان في " صحيحه " ( 14 / 69 ) وصححه شعيب الأرناؤط محقق الكتاب .
2. موسى عليه السلام .
قال تعالى ( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ) النساء/ 164 ، وقال عز وجل ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ) الأعراف/ 143 ، وقال سبحانه ( يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي ) لأعراف/ 144 .
3. محمَّد صلَّى الله عليه وسلم .
وهو ثابت في رحلة المعراج إلى السماء ، وفيها قوله صلى الله عليه وسلم :
( فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ : بِمَا أُمِرْتَ ؟ قَالَ : أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ ، قَالَ : إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ ، فَرَجَعْتُ ، فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ ... فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ قَالَ : سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ .
رواه البخاري ( 3674 ) ومسلم ( 162 ) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
هذا من أقوى ما استُدل به على أن الله سبحانه وتعالى كلَّم نبيَّه محمَّداً صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء بغير واسطة .
" فتح الباري " ( 7 / 216 ) .
وقال ابن كثير – رحمه الله - :
( مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ ) يعني : موسى ومحمَّداً صلى الله عليه وسلم ، وكذلك آدم ، كما ورد به الحديث المروي في " صحيح ابن حبان " عن أبي ذر رضي الله عنه .
( وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ) كما ثبت في حديث الإسراء حين رأى النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء في السموات بحسب تفاوت منازلهم عند الله عز وجل .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 670 ) .
وحديث أبي ذر الذي أشار إليه ابن كثير رحمه الله هو في " صحيح ابن حبان " ( 2 / 76 ) وقال عنه الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده ضعيف جدّاً . اهـ
ويغني عنه حديث أبي أمامة رضي الله عنه المتقدم .
ثانياً:
فائدة في اختصاص موسى عليه السلام بتسميته " كليم الله " :
قال الشيخ عبد الرحمن المحمود – حفظه الله - :
ولعل العلة - والعلم عند الله سبحانه وتعالى - في تسمية موسى " كليم الله " مع أن الله كلَّم محمَّداً وكلَّم آدم : أن الله كلَّمه على الأرض وهو على طبيعته البشرية , بخلاف تكليم الله لآدم فإنه كلمه وهو في السماء , وتكليم الله لمحمَّد فإنه كلمه وقد عرج بروحه وجسده إلى السماء , أما تكليمه لموسى : فهو على الأرض , وهذا فيه خصوصية لموسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم .
" تيسير لمعة الاعتقاد " ( ص 152 ) – ترقيم الشاملة - .
والله أعلم