يريد النصيحة لأمه التي تقع في الناس ، وتغضب إن قصّر أحد في مدحها
أرجو أن تفيدونى : كيف أنصح والدتي ، فهي مصلية وتقوم بأداء فريضة العمرة كل عام تقريباً ، ولكنها تحمل صفات وطباعاً نهى عنها الشرع ، فهي كثيرة الكلام عن الناس ، تحب إن أحسنت إلى أحد أن يمجدها ، وإن لم يفعل لا تعطيه ، بل إنها تحاول ألا يعطيه غيرها ، ولا تتسامح فى معاملاتها ، نحاول نحن جميع أبنائها أن نشرح لها أن هذا يحبط أعمالها الصالحة ، ولكن لا تستجيب ، بل ممكن تغضب على من يعارضها فيما تقول ، فنحاول ألا نغضبها ، علماً بأنها تتصدق بالمال الكثير ، وتثقل على والدي بالمصاريف ، بل وتثقل علينا نحن أبناءها ، ولكن نحن والحمد لله نستطيع .
أرجوا الإفادة فى طريقة لنصح أمي ، فأنا كثيراً ما أنفعل عليها ، فتغضب فأرضيها بأن أجاريها فيما تقول ، الله يعلم أني غير راض عما تقول .
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
لا شك أن بر الوالدين ، وحسن صحبتهما ، ولا سيما الأم ، من أعظم القربات ، وأجل
الطاعات ، لمن وفقه الله لذلك .
غير أن حسن الصحبة لا يعني أن يجاري الإنسان أمه فيما تفعله من الخطأ أو الذنب ،
فهذا ليس براً ، ولا حسن صحبة ، وإنما حقها الأكيد عليك أن تمنعها مما يغضب الله
تعالى عليها ، وينقص أجرها وعملها . قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا
أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم/6 .
لكن البر هنا يأتي في حسن التلطف بها ، والشفقه عليها ، وتخير الأسلوب الحكيم
لنصحها ؛ فلا يحل لك أن تغلظ عليها في القول أو الفعل ، ولا أن تحرجها أمام الناس ،
لكن عظها بلطف ، ومرها برفق ، واصطبر عليها ، وادع الله أن يهدي قلبها ، ويشرح
صدرها للحق والهدى .
واجتهد أنت وإخوتك أن تصرفوها عن أعراض الناس ، وأن تشغلوها عن الإساءة إلى الغير ،
بالقول أو بالفعل ، وأن تنصحوها بعدم الإثقال على والدكم في المصاريف والنفقات ،
لاسيما إذا كانت تثقل عليه لتتصدق من هذا المال ، فإحسانها لزوجها وعدم إضجاره
بالنفقة الكثيرة أولى من صدقتها .
ولها أن تتصدق من مال زوجها بالشيء اليسير الذي يتسامح فيه الناس عادة، وانظر
للفائدة السؤال رقم (47705).
فإذا اجتهدت أنت وإخوتك في إرشادها إلى الخير ، وأمرها بالمعروف ، ونهيها عن المنكر
، بالحكمة واللين والموعظة الحسنة ، فشق ذلك عليها ، وثقل عليها أن تدع خطأها ، أو
أن ينهاها أبناؤها ، فغضبت على أحدكم لأجل ذلك ، فلا إثم عليكم ولا حرج ، وليس لكم
أن تسترضوها بالوقوع في المعصية ، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وإنما
استرضاؤكم لها بأن تشغلوها عن المعصية بما هو خير لكم ولها وأنفع ، ولا بأس أن
تفرحوها بشيء من الهدايا ، أو مما تحبه .
وننبه أخيراً ، إلى أن العمرة في كل عام ليست فريضة ، بل هي نافلة ، وإنما الفريضة
مرة واحدة في العمر .
نسأل الله أن يبارك لكم في أمكم ، ويصلح حالها ، ويعينكم على برها وإرشادها لما فيه
الخير.
والله أعلم .