الحمد لله.
أولاً :
لا شك أن بر الوالدين ، وحسن صحبتهما ، ولا سيما الأم ، من أعظم القربات ، وأجل الطاعات ، لمن وفقه الله لذلك .
غير أن حسن الصحبة لا يعني أن يجاري الإنسان أمه فيما تفعله من الخطأ أو الذنب ، فهذا ليس براً ، ولا حسن صحبة ، وإنما حقها الأكيد عليك أن تمنعها مما يغضب الله تعالى عليها ، وينقص أجرها وعملها . قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم/6 .
لكن البر هنا يأتي في حسن التلطف بها ، والشفقه عليها ، وتخير الأسلوب الحكيم لنصحها ؛ فلا يحل لك أن تغلظ عليها في القول أو الفعل ، ولا أن تحرجها أمام الناس ، لكن عظها بلطف ، ومرها برفق ، واصطبر عليها ، وادع الله أن يهدي قلبها ، ويشرح صدرها للحق والهدى .
واجتهد أنت وإخوتك أن تصرفوها عن أعراض الناس ، وأن تشغلوها عن الإساءة إلى الغير ، بالقول أو بالفعل ، وأن تنصحوها بعدم الإثقال على والدكم في المصاريف والنفقات ، لاسيما إذا كانت تثقل عليه لتتصدق من هذا المال ، فإحسانها لزوجها وعدم إضجاره بالنفقة الكثيرة أولى من صدقتها .
ولها أن تتصدق من مال زوجها بالشيء اليسير الذي يتسامح فيه الناس عادة، وانظر للفائدة السؤال رقم (47705).
فإذا اجتهدت أنت وإخوتك في إرشادها إلى الخير ، وأمرها بالمعروف ، ونهيها عن المنكر ، بالحكمة واللين والموعظة الحسنة ، فشق ذلك عليها ، وثقل عليها أن تدع خطأها ، أو أن ينهاها أبناؤها ، فغضبت على أحدكم لأجل ذلك ، فلا إثم عليكم ولا حرج ، وليس لكم أن تسترضوها بالوقوع في المعصية ، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وإنما استرضاؤكم لها بأن تشغلوها عن المعصية بما هو خير لكم ولها وأنفع ، ولا بأس أن تفرحوها بشيء من الهدايا ، أو مما تحبه .
وننبه أخيراً ، إلى أن العمرة في كل عام ليست فريضة ، بل هي نافلة ، وإنما الفريضة مرة واحدة في العمر .
نسأل الله أن يبارك لكم في أمكم ، ويصلح حالها ، ويعينكم على برها وإرشادها لما فيه الخير.
والله أعلم .
تعليق