الحمد لله.
وكان رضي الله عنه ورعا يحترز لدينه ، فعن أبي أسيد
قال : قلت لأبي قتادة : مالك لا تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث عنه
الناس ؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من كذب علي فليشهد لجنبه
مضجعا من النار )
انتهى من"سير أعلام النبلاء" (2 /452)
ودعا النبي صلى الله عليه وسلم له بحفظ الله :
فروى مسلم (681) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( إِنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ
وَلَيْلَتَكُمْ وَتَأْتُونَ الْمَاءَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا ) فَانْطَلَقَ
النَّاسُ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ : فَبَيْنَمَا
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ حَتَّى ابْهَارَّ
اللَّيْلُ (انتصف) وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ قَالَ : فَنَعَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَأَتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ
مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ حَتَّى اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ ، ثُمَّ سَارَ
حَتَّى تَهَوَّرَ اللَّيْلُ (ذهب أكثره) مَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَدَعَمْتُهُ مِنْ
غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ حَتَّى اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ ، ثُمَّ سَارَ حَتَّى
إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ مَالَ مَيْلَةً هِيَ أَشَدُّ مِنْ
الْمَيْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ حَتَّى كَادَ يَنْجَفِلُ فَأَتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ
فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قُلْتُ أَبُو قَتَادَةَ . قَالَ مَتَى
كَانَ هَذَا مَسِيرَكَ مِنِّي ؟ قُلْتُ : مَا زَالَ هَذَا مَسِيرِي مُنْذُ
اللَّيْلَةِ . قَالَ : ( حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ ) .
وله أولاد ، وهم : عبد الله ، وعبد الرحمن ، وثابت ، وعبيد ، وأم البنين ، وأم أبان
.
توفي بالكوفة سنة أربع وخمسين وهو ابن سبعين سنة في خلافة على بن أبى طالب رضي الله
عنه وهو الذي صلى عليه ، روى له الجماعة في مصنفاتهم .
انتهى من"سير أعلام النبلاء" (2 /454)
وراجع : "تهذيب الكمال" (34 /196) – "الاستيعاب" (ص 86) – "الثقات" لابن حبان (3
/74) – "الطبقات الكبرى" (6 /15) – "التاريخ الكبير" (2 /258) .
أما قتادة التابعي : فهو قتادة بن دعامة بن قتادة بن
عزيز بن عمرو بن ربيعة أبو الخطاب السدوسي البصري رحمه الله .
روى عن أنس بن مالك وأبي الطفيل وصفية بنت شيبة وسعيد بن المسيب وعكرمة وأبي
الشعثاء جابر بن زيد وحميد بن عبد الرحمن بن عوف والحسن البصري وغيرهم .
وعنه أيوب السختياني وسليمان التيمي وجرير بن حازم وشعبة ومسعر ويزيد بن إبراهيم
وهشام الدستوائي ومطر الوراق وهمام بن يحيى وسعيد بن أبي عروبة وخلائق .
ولد أكمه [ مطموس العين ] ، لكنه كان آية في الحفظ ، إماما في الحديث والتفسير
والفقه .
قال بكير بن عبد الله المزني : ما رأيت الذي هو أحفظ منه ولا أجدر أن يؤدي الحديث
كما سمعه . وقال ابن سيرين : قتادة أحفظ الناس .
وقال أبو حاتم : سمعت أحمد ابن حنبل وذكر قتادة فأطنب في ذكره فجعل ينشر من علمه
وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير ووصفه بالحفظ والفقه وقال قلما تجد من يتقدمه .
انتهى من"تهذيب التهذيب" (8 /315-318)
وقال له سعيد بن المسيب : ما كنت أظن أن الله خلق مثلك .
وعن سفيان الثوري قال : وهل كان في الدنيا مثل قتادة .
انتهى من"سير أعلام النبلاء" (5 /275)
وقال ابن حبان :
كان من علماء الناس بالقرآن والفقه وكان من حفاظ أهل زمانه .
انتهى من"الثقات" (5 /322)
وقال الذهبي : حافظ العصر ، قدوة المفسرين والمحدثين ، كان من أوعية العلم ، وممن
يضرب به المثل في قوة الحفظ .
انتهى من"سير أعلام النبلاء" (5 /270)
وكان رحمه الله ورعا في دينه محتاطا لأمره معظما للعلم وأهله :
قال أبو هلال : سألت قتادة عن مسألة ، فقال : لا أدري ، فقلت : قل فيها برأيك ، قال
: ما قلت برأي منذ أربعين سنة ، وكان يومئذ له نحو من خمسين سنة .
قال الذهبي : فدل على أنه ما قال في العلم شيئا برأيه .
وقال رحمه الله : باب من العلم يحفظه الرجل لصلاح نفسه وصلاح من بعده أفضل من عبادة
حول . وقال أيضا : لقد كان يستحب أن لا تقرأ الأحاديث التي عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلا على طهارة .
انتهى من"سير أعلام النبلاء" (5 /275)
قال قتادة : " أتيت سعيد بن المسيب وقد ألبس تبان شعر وأقيم في الشمس (لما ابتلي في
أيام عبد الملك بن مروان) فقلت لقائدي : أدنني منه فأدناني منه فجعلت أسأله خوفا من
أن يفوتني وهو يجيبني حسبة والناس يتعجبون " .
انتهى من"حلية الأولياء" (2 /171)
كما كان عالما بالعربية وأنساب العرب ، قال الذهبي :
" كان قتادة أيضا رأسا في العربية والغريب وأيام العرب ، وأنسابها . ونقل القفطي في
"تاريخه" أن الرجلين من بني أمية كانا يختلفان في البيت من الشعر ، فيُبردان [أي:
يرسلان] بريدا إلى العراق يسألان قتادة عنه " .
انتهى من"سير أعلام النبلاء" (5 /277)
وقال أبو عمرو : كان قتادة من أنسب الناس [يعني: أعلمهم بالأنساب] .
انتهى من"وفيات الأعيان" (4 /85)
وقد عيب عليه رحمه الله التدليس في الحديث والكلام في
القدر ، والله يغفر له ويرحمه ، فما من أحد إلا ويؤخذ منه ويرد عليه إلا النبي صلى
الله عليه وسلم .
قال الذهبي رحمه الله :
" هو حجة بالإجماع إذا بين السماع ، فإنه مدلس معروف بذلك ، وكان يرى القدر ، نسأل
الله العفو . ومع هذا فما توقف أحد في صدقه ، وعدالته ، وحفظه ، ولعل الله يعذر
أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه ، وبذل وسعه ، والله حكم عدل
لطيف بعباده ، ولا يسأل عما يفعل .
ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه ، وعلم تحريه للحق ، واتسع علمه ، وظهر
ذكاؤه ، وعرف صلاحه وورعه واتباعه ، يغفر له زلـله ، ولا نضلله ونطرحه ، وننسى
محاسنه ، نعم : ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ، ونرجو له التوبة من ذلك " انتهى ."
انتهى من"سير أعلام النبلاء" (5 /271)
ولد رحمه الله سنة (61) ومات سنة (117) وقال أبو حاتم : توفي بواسط في الطاعون وهو
ابن ست أو سبع وخمسين سنة بعد الحسن بسبع سنين .
انتهى من"تهذيب التهذيب" (8 /318)
ولم يكن قتادة رحمه الله من تلاميذ ابن عباس كما يقول
السائل ؛ فإنه لم يسمع منه ، بل لم يسمع من كثير من أصحابه ، وقد قال الإمام أحمد :
ما أعلم قتادة روى عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن أنس رضي الله
عنه . قيل فابن سرجس ؟ فكأنه لم يره سماعا.
انتهى من"المراسيل" لابن أبي حاتم (ص 29)
وقال الحاكم في علوم الحديث : لم يسمع قتادة من صحابي غير أنس .
انتهى من"تهذيب التهذيب" (8 /319)
وراجع :
"التاريخ الكبير" (7 /186) - "الطبقات الكبرى" (7 /230) – "حلية الأولياء" (2/170)
هذا .. وفي الصحابة من اسمه قتادة ، وهو قتادة بن
النعمان بن زيد بن عامر الأنصاري الظفري أبو عبد الله الصحابي المشهور ، شهد بدرا
والمشاهد كلها ، وهو الذي رد عليه النبي صلى الله عليه وسلم عينه بعد أن سقطت يوم
بدر أو أحد .
راجع : "تهذيب التهذيب" (8 /320)
والله أعلم .